Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 89, Ayat: 27-30)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { يٰأَيَّتُهَا ٱلنَّفْسُ ٱلْمُطْمَئِنَّةُ } لما ذكر حال من كانت هِمته الدنيا فاتهم الله في إغنائه وإفقاره ، ذكر حال من اطمأنت نفسه إلى الله تعالى ، فسلم لأمره ، واتكل عليه . وقيل : هو من قول الملائكة لأولياء الله عز وجل . والنفس المطمئنة : الساكنة المُوقنة أيقنت أن الله ربها ، فأخبتت لذلك قاله مجاهد وغيره . وقال ابن عباس : أي المطمئنة بثواب الله . وعنه المؤمنة . وقال الحسن : المؤمنة الموقنة . وعن مجاهد أيضاً : الراضية بقضاء الله ، التي علمت أن ما أخطأها لم يكن ليصيبها ، وأنّ ما أصابها لم يكن ليخطئها . وقال مقاتل : الآمنة من عذاب الله . وفي حرف أُبيّ بن كعب « يأيتها النفس الآمنة المطمئنة » . وقيل : التي عمِلت على يقين بما وعد الله في كتابه . وقال ابن كَيسان : المطمئنة هنا : المخلصة . وقال ابن عطاء : العارفة التي لا تصبر عنه طرفة عين . وقيل : المطمئنة بذكر الله تعالى بيانه { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ ٱللَّهِ } [ الرعد : 28 ] . وقيل : المطمئنة بالإيمان ، المُصدِّقة بالمبعث والثواب . وقال ابن زيد : المطمئنة لأنها بشرت بالجنة عند الموت ، وعند البعث ، ويوم الجمع . وروى عبد الله بن بُرَيدة عن أبيه قال : يعني نفس حمزة . والصحيح أنها عامة في كل نفسِ مؤمنٍ مخلصٍ طائع . قال الحسن البصرِيّ : إن الله تعالى إذا أراد أن يقبض رُوح عبده المؤمن ، اطمأنت النفس إلى الله تعالى ، واطمأن الله إليها . وقال عمرو بن العاص : إذا تُوُفِّيَ المؤمن أرسل الله إليه مَلَكين ، وأرسل معهما تُحْفة من الجنة ، فيقولان لها : اخرُجي أيتَّها النفسُ المطمئنةُ راضية مَرْضِية ، ومَرْضِياً عنك ، اخرجي إلى رَوْحٍ وريَحْان ، ورَبٍّ راضٍ غيرِ غضبان ، فتخرج كأطيب ريح المسك وَجَد أحد من أنفه على ظهر الأرض . وذكر الحديث . وقال سعيد بن زايد : " قرأ رجل عند النبيّ صلى الله عليه وسلم « يٰأيَّتُها النفسُ المُطْمَئِنَّة » ، فقال أبو بكر : ما أحسن هذا يا رسول الله ! فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : « إن المَلَكَ سيقولها لك يا أبا بكر » " وقال سعيد بن جبير : مات ابن عباس بالطائف ، فجاء طائر لم يُرَ على خِلقته طائر قط ، فدخل نعشه ، ثم لم ير خارجاً منه ، فلما دفن تليت هذه الآية على شَفِير القبر لا يُدْرَى من تلاها ـ : { يٰأَيَّتُهَا ٱلنَّفْسُ ٱلْمُطْمَئِنَّةُ * ٱرْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً } . وروى الضحاك : أنها نزلت في عثمان بن عفان رضي الله عنه حين وقف بئر رُومَة . وقيل : نزلت في خُبَيب بن عدِيّ الذي صَلَبه أهل مكة ، وجعلوا وجهه إلى المدينة ، فحوّل الله وجهه نحو القِبلة . والله أعلم . معنى { إِلَىٰ رَبِّكِ } أي إلى صاحبك وجسدِك قاله ابن عباس وعِكرمة وعطاء . واختاره الطَّبَريّ ودليله قراءة ابن عباس « فادْخُلِي فِي عَبْدِي » على التوحيد ، فيأمر الله تعالى الأرواح غداً أن ترجع إلى الأجساد . وقرأ ابن مسعود « في جسدِ عبدي » . وقال الحسن : ارجعي إلى ثواب ربك وكرامته . وقال أبو صالح : المعنى : ارجعي إلى الله . وهذا عند الموت . { فَٱدْخُلِي فِي عِبَادِي } أي في أجساد عبادي دليله قراءة ابن عباس وابن مسعود . قال ابن عباس : هذا يوم القيامة وقاله الضحاك . والجمهور على أن الجنة هي دار الخلود التي هي مَسْكَن الأبرار ، ودار الصالحين والأخيار . ومعنى « فِي عِبادِي » أي في الصالحين من عبادي كما قال : { لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي ٱلصَّالِحِينَ } [ العنكبوت : 9 ] . وقال الأخفش : { فِي عِبَادِي } أي في حِزبي والمعنى واحد . أي انتظمي في سِلْكهم . { وَٱدْخُلِي جَنَّتِي } معهم .