Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 14-15)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالىٰ : { قَاتِلُوهُمْ } أمر . { يُعَذِّبْهُمُ ٱللَّهُ } جوابه . وهو جزم بمعنى المجازاة . والتقدير : إن تقاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويَشْفِ صدور قوم مؤمنين . { وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ } دليل على أن غيظهم كان قد ٱشتدّ . وقال مجاهد : يعني خُزاعة حلفاءَ رسول الله صلى الله عليه وسلم . وكلّه عطف ، ويجوز فيه كله الرفع على القطع من الأوّل . ويجوز النصب على إضمار أن وهو الصرف عند الكوفيين كما قال : @ فإن يَهْلِك أبو قابوس يَهِلكْ ربيعُ الناس والشهرُ الحرامُ ونأخذَ بعده بِذِناب عيش أَجَبّ الظَّهر ليس له سَنام @@ وإن شئت رفعت « ونأخذ » وإن شئت نصبته . والمراد بقوله : { وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ } بنو خُزاعة على ما ذكرنا عن مجاهد . فإن قريشاً أعانت بني بكر عليهم ، وكانت خزاعة حلفاء النبيّ صلى الله عليه وسلم . فأنشد رجل من بني بكر هجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له بعض خزاعة : لئن أعدته لأكسرنّ فَمَك فأعاده فكسر فاه وثار بينهم قتال فقتلوا من الخزاعيّين أقواماً ، فخرج عمرو بن سالم الخزاعيّ في نفر إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم وأخبره به ، فدخل منزل ميمونة وقال " اسكبوا إليّ ماء " فجعل يغتسل وهو يقول : " لانُصِرتُ إن لم أَنْصر بني كعب " ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتجهّز والخروج إلى مكة فكان الفتح . قوله تعالىٰ : { وَيَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ } القراءة بالرفع على الاستئناف لأنه ليس من جنس الأوّل . ولهذا لم يقل « ويتُبْ » بالجزم لأن القتال غير موجب لهم التوبة من الله جلّ وعزّ . وهو موجب لهم العذاب والخزي ، وشفاء صدور المؤمنين وذهاب غيظ قلوبهم ونظيره : « فَإنْ يَشَإ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ » تَم الكلام . ثم قال : { وَيَمْحُ ٱللَّهُ ٱلْبَاطِلَ } [ الشورى : 24 ] . والذين تاب الله عليهم مثل أبي سفيان وعِكرمة بن أبي جهل وسليم بن أبي عمرو فإنهم أسلموا . وقرأ ابن أبي إسحاق « وَيَتُوبَ » بالنصب . وكذا رُوي عن عيسى الثّقفي والأعرج ، وعليه فتكون التوبة داخلة في جواب الشرط لأن المعنى : إن تقاتلوهم يعذبهم الله . وكذلك ما عطف عليه . ثم قال : { وَيَتُوبُ ٱللَّهُ } أي إن تقاتلوهم . فجمع بين تعذيبهم بأيديكم وشفاء صدوركم وإذهاب غيظ قلوبكم والتوبة عليكم . والرفع أحسن لأن التوبة لا يكون سببها القتال إذْ قد تُوجد بغير قتال لمن شاء الله أن يتوب عليه في كل حال .