Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 3-3)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فيه ثلاث مسائل : الأُولى قوله تعالى : { وَأَذَانٌ } الأذان : الإعلام لغةً من غير خلاف . وهو عطف على « براءة » . { إِلَى ٱلنَّاسِ } الناس هنا جميع الخلق . { يَوْمَ ٱلْحَجِّ ٱلأَكْبَرِ } ظرف ، والعامل فيه « أذان » . وإن كان قد وصف بقوله : « مِنَ اللَّهِ » فإن رائحة الفعل فيه باقية ، وهي عاملة في الظروف . وقيل : العامل فيه « مُخْزِي » . ولا يصح عمل « أذان » لأنه قد وصف فخرج عن حكم الفعل . الثانية وٱختلف العلماء في الحج الأكبر فقيل : يوم عرفة . رُوي عن عمر وعثمان وابن عباس وطاوس ومجاهد . وهو مذهب أبي حنيفة ، وبه قال الشافعيّ . وعن عليّ وابن عباس أيضاً وابن مسعود وٱبن أبي أَوْفَى والمُغيِرة بن شعبة أنه يوم النَّحر . واختاره الطبري . وروى ابن عمر " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف يوم النحر في الحَجّة التي حج فيها فقال : « أيُّ يوم هذا » فقالوا : يوم النحر . فقال : هذا يوم الحج الأكبر " أخرجه أبو داود . وخرّج البخارِيّ عن أبي هريرة قال : بعثني أبو بكر الصديق رضي الله عنه فيمن يؤذّن يوم النحر بِمنًى : لا يحجُّ بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان . ويومُ الحج الأكبر يومُ النّحر . وإنما قيل الأكبر من أجل قول الناس : الحج الأصغر . فنبذ أبو بكر إلى الناس في ذلك العام فلم يحج عامَ حَجّة الوداع الذي حج فيه النبيّ صلى الله عليه وسلم مشرك . وقال ٱبن أبي أَوْفَى : يومُ النحر يوم الحج الأكبر ، يهراق فيه الدم ، ويوضع فيه الشَّعْر ، ويُلقى فيه التفث ، وتَحِلّ فيه الحُرَم . وهذا مذهب مالك لأن يوم النحر فيه الحج كله لأن الوقوف إنما هو في ليلته ، والرَّمْيُ والنحرُ والحَلْق والطوافُ في صبيحته . احتجّ الأولون بحديث مَخْرَمة أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : " يومُ الحج الأكبر يومُ عرفة " رواه إسماعيل القاضي . وقال الثَّوْرِيّ وابن جُريج : الحج الأكبر أيامُ مِنًى كلُّها . وهذا كما يقال : يوم صِفِّين ويوم الجَمَل ويوم بُعاث فيراد به الحِين والزمان لا نفس اليوم . ورُوي عن مجاهد : الحج الأكبر القِران ، والأصغر الإفراد . وهذا ليس من الآية في شيء . وعنه وعن عَطاء : الحج الأكبر الذي فيه الوقوف بعرفة ، والأصغر العُمْرة . وعن مجاهد أيضاً : أيامُ الحج كلُّها . وقال الحسن وعبد الله بن الحارث بن نَوفل : إنما سُمِّي يومُ الحج الأكبر لأنه حج ذلك العامَ المسلمون والمشركون ، وٱتفقت فيه يومئذ أعياد المِلَل : اليهود والنصارى والمجوس . قال ٱبن عطيّة : وهذا ضعيف أن يصفه الله عز وجل في كتابه بالأكبر لهذا . وعن الحسن أيضاً : إنما سميَ الأكبر لأنه حجّ فيه أبو بكر ونُبذت فيه العهود . وهذا الذي يشبه نظر الحسن . وقال ٱبن سيرين : يوم الحج الأكبر العامُ الذي حج فيه النبيّ صلى الله عليه وسلم حَجة الوداع ، وحجّت معه فيه الأُمم . الثالثة قوله تعالى : { أَنَّ ٱللَّهَ بَرِيۤءٌ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ } « أن » بالفتح في موضع نصب . والتقدير بأن الله . ومن قرأ بالكسر قدّره بمعنى قال إن الله . « بَريءٌ » خبر أنّ . « وَرَسُولُهُ » عطف على الموضع ، وإن شئت على المضمر المرفوع في « بريء » . كلاهما حسن لأنه قد طال الكلام . وإن شئت على الابتداء والخبر محذوف التقدير : ورسوله بريء منهم . ومن قرأ « ورسولَه » بالنصب وهو الحسن وغيره عطفه على اسم الله عز وجل على اللفظ . وفي الشواذ « ورسولِهِ » بالخفض على القسم ، أي وحقّ رسوله ورُويت عن الحسن . وقد تقدمت قصة عمر فيها أوّل الكتاب . { فَإِن تُبْتُمْ } أي عن الشرك . { فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ } أي أنفع لكم . { وَإِن تَوَلَّيْتُمْ } أي عن الإيمان . { فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي ٱللَّهِ } أي فائِتِيه فإنه محيط بكم ومنزل عقابه عليكم .