Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 90, Ayat: 11-11)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أي فهلا أنفق ماله الذي أنفقه في عداوة محمد ، هلا أنفقه لاقتحام العَقَبة فيأمن ! والاقتحام : الرّمْيُ بالنفس في شيء من غير رَوِية يقال منه : قَحَم في الأَمْر قُحوماً : أي رمى بنفسه فيه من غير روِية . وقَحَّم الفَرَس فارسَه تقحيماً على وجهه : إذا رماه . وتقحيم النفسِ في الشيء : إدخالها فيه من غير روِية . والقُحْمة بالضم المَهْلَكة ، والسنة الشديدة . يقال : أصابت الأعراب القُحْمة : إذا أصابهم قحط ، فدخلوا الريف . والقُحَم : صِعاب الطريق . وقال الفرّاء والزجاج : وذكر « لا » مرة واحدة ، والعرب لا تكاد تفرد « لا » مع الفعل الماضي في مثل هذا الموضع ، حتى يُعيدوها في كلام آخر كقوله تعالى : { فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّىٰ } [ القيامة : 31 ] { ولا خَوْفٌ عليهم ولا هم يحزنون } [ البقرة : 62 ] وإنما أفردوها لدلالة آخر الكلام على معناه فيجوز أن يكون قوله : « ثم كان من الذِين آمنوا » قائماً مقام التكرير كأنه قال : فلا اقتحم العقبة ولا آمن . وقيل : هو جارٍ مجرى الدعاء كقوله : لا نجا ولا سلِم . { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْعَقَبَةُ } ؟ قال سفيان بن عُيينة : كل شيء قال فيه « وما أدراك » ؟ فإنه أَخْبَر به ، وكل شيء قال فيه « وما يدريك » ؟ فإنه لم يخبر به . وقال : معنى { فَلاَ ٱقتَحَمَ ٱلْعَقَبَةَ } أي فلم يقتحم العقبة كقول زُهَير : @ وكانَ طَوَى كَشْحاً على مُسْتكِنَّةٍ فلا هُوَ أَبداها ولم يَتَقدّمِ @@ أي فلم يبدها ولم يتقدّم . وكذا قال المبرّد وأبو عليّ « لا » : بمعنى لم . وذكره البخارِيّ عن مجاهد . أي فلم يقتحم العقبة في الدنيا ، فلا يحتاج إلى التكرير . ثم فَسَّر العقبة وركوبها فقال : { فَكُّ رَقَبَةٍ } وكذا وكذا فبين وجوهاً من القُرَب المالية . وقال ابن زيد وجماعة من المفسرين : معنى الكلام الاستفهام الذي معناه الإنكار تقديره : أفلا اقتحم العقبة ، أو هلا اقتحم العقبة . يقول : هلا أنفق ماله في فكّ الرقاب ، وإطعام السَّغْبان ، ليجاوز به العقبة فيكون خيراً له من إنفاقه في عداوة محمد صلى الله عليه وسلم . ثم قيل : اقتحام العقبة هاهنا ضرب مَثَل ، أي هل تَحَمَّل عِظام الأمور في إنفاق ماله في طاعة ربه ، والإيمان به . وهذا إنما يليق بقول من حمل { فَلاَ ٱقتَحَمَ ٱلْعَقَبَةَ } على الدعاء أي فلا نجا ولا سلم من لم ينفق ماله في كذا وكذا . وقيل : شبه عِظم الذنوب وثِقلها وشدّتها بعقبة ، فإذا أعتق رقبة وعمِل صالحاً ، كان مثله كمثل من اقتحم العقبة ، وهي الذنوب التي تضره وتؤذيه وتثقله . قال ابن عمر : هذه العقبة جبل في جهنم . وعن أبي رجاء قال : بلغنا أن العقبة مَصْعَدُها سبعة آلاف سنة ، ومهبِطها سبعة آلاف سنة وقال الحسن وقتادة : هي عقبة شديدة في النار دون الجِسر ، فاقتحِمُوها بطاعة الله . وقال مجاهد والضحاك والكلبِي : هي الصراط يُضْرب على جهنم كحدّ السيف ، مسيرة ثلاثة آلاف سنة ، سهلاً وصُعوداً وهُبوطاً . واقتحامه على المؤمن كما بين صلاة العصر إلى العشاء . وقيل : اقتحامه عليه قدرُ ما يصلي صلاة المكتوبة . وروي عن أبي الدرداء أنه قال : إن وراءنا عقبة ، أَنْجَى الناسِ منها أخفهم حِمْلاً . وقيل : النار نفسها هي العقبة . فروى أبو رجاء عن الحسن قال : بلغنا أنه ما من مسلم يُعْتق رقبة إلا كانت فداءه من النار . وعن عبد الله بن عمر قال : من أعتق رقبة أعتق الله عز وجل بكل عضو منها عضواً منه . وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة : عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " من أعتق رقبة أعتق الله بكل عضو منها عضواً من أعضائه من النار ، حتى فرجَه بفرجه " وفي الترمذي عن أبي أُمامة وغيره من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : " أيُّما امرىءٍ مُسْلِمٍ أعتقَ امْرأً مُسْلِماً ، كان فَكَاكَهُ من النار ، يَجْزِي كل عضو منه عضواً منه ، وأيُّما امرأة مسلمة أعتقتْ امرأة مُسلمة ، كانت فَكاكَها من النار ، يجزي كل عضو منها عضواً منها " قال : هذا حديث حسن صحيح غريب . وقيل : العقبة خلاصه من هول العَرْض . وقال قتادة وكعب : هي نار دون الجسر . وقال الحسن : هي والله عقبة شديدة : مجاهدة الإنسان نفسه وهواه وعدوّه الشيطان . وأنشد بعضهم :