Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 91, Ayat: 11-14)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ } أي بطغيانها ، وهو خروجها عن الحدّ في العصيان قاله مجاهد وقتادة وغيرهما . وعن ابن عباس « بِطغواها » أي بعذابها الذي وُعِدَتْ به . قال : وكان اسم العذاب الذي جاءها الطَّغْوى لأنه طَغَى عليهم . وقال محمد بن كعب : « بِطغواها » بأجمعها . وقيل : هو مصدر ، وخرج على هذا المخرج ، لأنه أَشْكَلُ برؤوس الآي . وقيل : الأصل بطَغْياها ، إلا أن « فَعْلَى » إذا كانت من ذوات الياء أبدلت في الاسم واواً ، لِيُفصَل بين الاسم والوصف . وقراءة العامة بفتح الطاء . وقرأ الحسن والجَحْدرِي وحماد بن سلمة بضم الطاء على أنه مصدر كالرُّجْعَى والحُسْنى وشبههما في المصادر . وقيل : هما لغتان . { إِذِ ٱنبَعَثَ } أي نهض . { أَشْقَاهَا } لعَقْر الناقة . واسمه قُدَار بن سالِف . وقد مضى في « الأعراف » بيان هذا ، وهل كان واحداً أو جماعة . وفي البخارِيّ عن عبد الله بن زَمَعة : أنه سمع النبيّ صلى الله عليه وسلم يخطُب ، وذكر الناقة والذي عَقَرها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا انبعَثَ أَشْقاهَا ، انبعث لها رجل عزيز عارِم ، منيع في رهطه ، مثل أبي زَمَعة " وذكر الحديث . خرّجه مسلم أيضاً . وروى الضحاك " عن عليّ : أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال له : « أتدري من أشقى الأوّلين » قلت : الله ورسوله أعلم . قال : « عاقر الناقة قال أتدري من أشقى الآخرين » قلت : الله ورسوله أعلم . قال : « قاتلك » " { فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ ٱللَّهِ } يعني صالحا . { نَاقَةَ ٱللَّهِ } « ناقةَ » منصوب على التحذير كقولك : الأسد الأسد ، والصبِيَّ الصبِيَّ ، والحِذار الحِذارَ . أي احذروا ناقة الله أي عَقْرها . وقيل : ذروا ناقة الله ، كما قال : { هَـٰذِهِ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِيۤ أَرْضِ ٱللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوۤءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [ الأعراف : 73 ] . { وَسُقْيَاهَا } أي ذروها وشِربَها . وقد مضى في سورة « الشعراء » بيانه والحمد لله . وأيضاً في سورة { ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ } [ القمر : 1 ] . فإنهم لما اقترحوا الناقة ، وأخرجها لهم من الصخرة ، جعل لهم شِربَ يوم من بئرهم ، ولها شِربُ يوم مكان ذلك ، فشقَّ ذلك عليهم . { فَكَذَّبُوهُ } أي كذبوا صالحاً عليه السلام في قوله لهم : إنكُمْ تُعَذَّبونَ إنْ عَقرْتُموها . { فَعَقَرُوهَا } أي عقرها الأشقى . وأضيف إلى الكل ، لأنهم رَضُوا بفعله . وقال قتادة : ذُكر لنا أنه لم يعقرها حتى تابعه صغيرهم وكبيرهم ، وذكرهم وأنثاهم . وقال الفرّاء : عقرها اثنان : والعرب تقول : هذان أفضلُ الناس ، وهذان خير الناس ، وهذه المرأة أشقى القوم فلهذا لم يقل : أَشْقيَاها . قوله تعالى : { فَدَمْدمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنبِهِمْ } أي أهلكهم وأطبق عليهم العذابُ بذنبهم الذي هو الكفر والتكذيب والعَقْر . وروى الضحاك عن ابن عباس قال : دَمْدم عليهم قال : دَمَّرَ عَلَيْهم ربُّهم بذنبهم أي بجُرمهم . وقال الفرّاء : دَمْدم أي أرجف . وحقيقة الدمدمة تضعيف العذاب وترديده . ويقال : دَمَّمْت على الشيء : أي أطبقت عليه ، ودمم عليه القبرَ : أطبقه . وناقة مدمومة : أَلْبَسها الشحم . فإذا كرّرت الإطباق قلت : دَمْدَمْت . والدمدمة : إهلاك باستئصال قاله المؤرِّج . وفي الصحاح : ودَمْدَمْت الشيء : إذا ألزقته بالأرض وطَحْطَحْتُه . ودمدم الله عليهم : أي أهلكهم . القُشَيرِي : وقيل دَمْدَمت على الميت الترابَ : أي سَوَّيتُ عليه . فقوله : « فدمدم عليهم » أي أهلكهم ، فجعلهم تحت التراب . { فَسَوَّاهَا } أي سَوّى عليهم الأرض . وعلى الأول « فسوّاها » أي فسوّى الدَّمدمة والإهلاك عليهم . وذلك أن الصيحة أهلكتهم ، فأتت على صغيرهم وكبيرهم . وقال ابن الأنباريّ : دمدمَ أي غضِب . والدمدمة : الكلام الذي يزعج الرجل . وقال بعض اللغويين : الدمدمة : الإدامة تقول العرب : ناقة مدمدَمة أي سمينة . وقيل : « فسوّاها » أي فسوّى الأمة في إنزال العذاب بهم ، صغيرهم وكبيرهم ، وضِيعهم وشريفهم ، ذكرهم وأنثاهم ، وقرأ ابن الزُّبير « فَدهْدَم » وهما ، لغتان كما يقال امتُقِع لونُه وانْتُقِع .