Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 91, Ayat: 9-10)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا } هذا جواب القسم ، بمعنى : لقد أفلح . قال الزجاج : اللام حذفت ، لأن الكلام طال ، فصار طوله عِوضاً منها . وقيل : الجواب محذوف أي والشمس وكذا وكذا لَتُبْعثن . الزمخشريّ : تقديره لَيُدَمْدِمنّ الله عليهم أي على أهل مكة ، لتكذيبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما دَمْدَم على ثمود لأنهم كذبوا صالحاً . وأما « قد أفلح من زكَّاها » فكلام تابع لأوّله لقوله : « فأَلهمها فجورها وتقواها » ، على سبيل الاستطراد ، وليس من جواب القسم في شيء . وقيل : هو على التقديم والتأخير بغير حذف والمعنى : قد أفلح من زَكّاها ، وقد خاب من دَسّاها ، والشمس وضحاها . { أَفْلَحَ } فاز . { مَن زَكَّاهَا } أي من زكى الله نفسه بالطاعة . { وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا } أي خسِرت نفسٌ دَسَّها الله عز وجل بالمعصية . وقال ابن عباس : خابت نفس أضلها وأغواها . وقيل : أفلح من زكى نفسه بطاعة الله ، وصالح الأعمال ، وخاب من دسّ نفسه في المعاصي قاله قتادة وغيره . وأصل الزكاة : النموّ والزيادة ، ومنه زكا الزرع : إذا كثر رَيْعُه ، ومنه تزكية القاضي للشاهد لأنه يرفعه بالتعديل ، وذكر الجميل . وقد تقدم هذا المعنى في أوّل سورة « البقرة » مستوفًى . فمصطنع المعروف والمبادر إلى أعمال البِر ، شَهَر نفسه ورفعها . وكانت أجواد العرب تنزل الرُّبا وارتفاعَ الأرض ، ليشتهر مكانُها للمُعْتفِين ، وتوقد النار في الليل للطارقين . وكانت اللئام تنزل الأَوْلاج والأطراف والأهضام ، ليخفى مكانها عن الطالبين . فأولئك عَلَّوا أنفسهم وزَكَّوها ، وهؤلاء أخفَوا أنفسهم ودَسُّوها . وكذا الفاجر أبدا خَفِيّ المكان ، زَمِرُ المروءة ، غامض الشخص ، ناكس الرأس بركوب المعاصي . وقيل : دساها : أغواها . قال : @ وأَنتَ الذي دَسَّيْتَ عَمْرا فأصبحت حلائلُه منه أرامِلَ ضُيَّعا @@ قال أهل اللغة : والأصل : دسَّسهَا ، من التدسيس ، وهو إخفاء الشيء في الشيء ، فأبدلت سينه ياء كما يقال : قَصَّيْت أظفاري وأصله قَصَّصْت أظفاري . ومثله قولهم في تَقَضَّضَ : تقضى . وقال ابن الأعرابي : { وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا } أي دس نفس في جملة الصالحين وليس منهم .