Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 96, Ayat: 19-19)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ كَلاَّ } أي ليس الأمر على ما يظنه أبو جهل . { لاَ تُطِعْهُ } أي فيما دعاك إليه من ترك الصلاة . { وَٱسْجُدْ } أي صل لِلَّه { وَٱقْتَرِب } أي تقرّب إلى الله جل ثناؤه بالطاعة والعبادة . وقيل : المعنى : إذا سجدت فاقترب من الله بالدعاء . روى عطاء عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أقرب ما يكون العبد من ربه ، وأحبه إليه ، جَبْهَتُه في الأرض ساجداً لله " . قال علماؤنا : وإنما كان ذلك لأنها نهاية العبودية والذلة ولله غاية العِزة ، وله العزة التي لا مقدار لها فكلما بَعُدْت من صفته ، قربت مِن جنته ، ودنوت من جواره في داره . وفي الحديث الصحيح : أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : " أمّا الركوع فعظموا فيه الرب . وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء ، فإنه قِمَن أن يُسْتجاب لكُم " ولقد أحسن من قال : @ وإذا تذللتِ الرقاب تواضُعاً منا إليك فعِزُّها في ذُلّها @@ وقال زيد بن أسلم : اسجد أنت يا محمد مصلياً ، واقترب أنت يا أبا جهل من النار . قوله تعالى : { وَٱسْجُدْ } هذا من السجود . يحتمل أن يكون بمعنى السجود في الصلاة ، ويحتمل أن يكون سجود التلاوة في هذه السورة . قال ابن العربيّ : « والظاهر أنه سجود الصلاة » لقوله تعالى : { أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يَنْهَىٰ * عَبْداً إِذَا صَلَّىٰ } إلى قوله { كَلاَّ لاَ تُطِعْهُ وَٱسْجُدْ وَٱقْتَرِب } ، لولا ما ثبت في الصحيح من رواية مسلم وغيره من الأئمة عن أبي هريرة أنه قال : سجدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في { إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتْ } [ الإنشقاق : 1 ] ، وفي { ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ } [ العلق : 1 ] سجدتين ، فكان هذا نصاً على أن المراد سجود التلاوة . وقد رَوى ابن وهب ، عن حماد بن زيد ، عن عاصم بن بَهْدلة ، عن زِرّ بن حُبَيش ، عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال : عزائم السجود أربع : « ألم » و « حۤم . تنزيل من الرحمن الرحيم » و « النجم » و « اقرأ باسم ربك » . وقال ابن العربيّ : « وهذا إن صح يلزم عليه السجود الثاني من سورة « الحج » ، وإن كان مقترناً بالركوع لأنه يكون معناه اركعوا في موضع الركوع ، واسجدوا في موضع السجود » . وقد قال ابن نافع ومطَرِّف : وكان مالك يسجد في خاصة نفسه بخاتمة هذه السورة من « اقرأ باسم ربك » وابن وهب يراها من العزائم . قلت : وقد روينا من حديث مالك بن أنس عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن نافع عن ابن عمر قال : " لما أنزل الله تعالى { ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمُعاذ : « اكتبها يا معاذ » فأخذ معاذ اللوح والقلم والنون وهي الدواة فكتبها معاذ فلما بلغ { كَلاَّ لاَ تُطِعْهُ وَٱسْجُدْ وَٱقْتَرِب } سجد اللوح ، وسجد القلم ، وسجدت النون ، وهم يقولون : اللهم ارفع به ذِكراً ، اللهم احْطُطْ به وِزراً ، اللهم اغفر به ذنباً . قال معاذ : سجدت ، وأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسجد " . ختمت السورة . والحمد لله على ما فتح ومنح وأعطى . وله الحمد والمِنة .