Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 96, Ayat: 1-1)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذه السورة أوّل ما نزل من القرآن في قول معظم المفسرين . نزل بها جبريل على النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو قائم على حِراء ، فعلمه خمسَ آيات من هذه السورة . وقيل : إن أوّل ما نزل { يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ } ، قاله جابر بن عبد الله وقد تقدم . وقيل : فاتحة الكتاب أوّل ما نزل قاله أبو مَيْسَرة الهَمْدانيّ . وقال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه : أوّل ما نزل من القرآن { قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ } [ الأنعام : 151 ] والصحيح الأوّل . قالت عائشة : أوّل ما بُدِىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم الرؤيا الصادقة فجاءه الملك فقال : { ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * ٱقْرَأْ وَرَبُّكَ ٱلأَكْرَمُ } . خرجه البخارِيّ . وفي الصحيحين عنها قالت : " أوّل ما بدىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوَحْي الرؤيا الصادقة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مِثل فَلَق الصبح ، ثم حُبِّب إليه الخَلاء ، فكان يخلو بغار حِراءٍ ، يتحنث فيه اللياليَ ذواتِ العدد ، قبلَ أَنْ يَرْجع إلى أَهْلِهِ ويتزوّد لذلك ثم يرجع إلى خديجة فيتزوّد لمثلها حتى فجِئه الحقّ وهو في غار حِراء ، فجاءه الملك ، فقال : « اقرأ » : فقال : ما أنا بقارىء قال فأخذني فغطني ، حتى بلغ مني الجهدُ ثم أرسلني » ، فقال : « اقرأ » فقلت : « ما أنا بقارىء » . فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني » فقال : { ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * ٱقْرَأْ وَرَبُّكَ ٱلأَكْرَمُ * ٱلَّذِى عَلَّمَ بِٱلْقَلَمِ * عَلَّمَ ٱلإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } الحديث بكماله " وقال أبو رجاء العُطارِدِيّ : وكان أبو موسى الأشعرِيّ يطوف علينا في هذا المسجد : مسجدِ البصرة ، فيُقْعِدنا حِلَقاً ، فيقرِئنا القرآن فكأني أنظر إليه بين ثوبين له أبيضين ، وعنه أخذت هذه السورة : { ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ } . وكانت أوّل سورة أنزلها الله على محمد صلى الله عليه وسلم . وروتْ عائشة رضي الله عنها أنها أوّل سورة أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم بعدها { نۤ وَٱلْقَلَمِ } [ القلم : 1 ] ، ثم بعدها { يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ } [ المدثر : 1 ] ثم بعدها « والضحى » ذكره الماوردِيّ . وعن الزُّهرِيُّ : " أول ما نزل سورة : { ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ } إلى قوله { مَا لَمْ يَعْلَمْ } ، فحزِن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجعل يعلو شواهِق الجبال ، فأتاه جبريل فقال له : « إنك نبيُّ الله » فرجع إلى خديجة وقال : « دَثِّروني وصُبُّوا عليّ ماء بارداً » فنزل يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ " ومعنى { ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ } أي اقرأ ما أنزل إليك من القرآن مفتتحاً باسم ربك ، وهو أن تذكر التسمية في ابتداء كل سورة . فمحل الباء من « باسم ربك » النصب على الحال . وقيل : الباء بمعنى على ، أي اقرأ على اسم ربك . يقال : فعل كذا باسم الله ، وعلى اسم الله . وعلى هذا فالمقروء محذوف ، أي اقرأ القرآن ، وافتتحه باسم الله . وقال قوم : اسم ربك هو القرآن ، فهو يقول : { ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ } أي اسمَ ربك ، والباء زائدة كقوله تعالى : { تَنبُتُ بِٱلدُّهْنِ } [ المؤمنون : 20 ] ، وكما قال : @ سُودُ المَحاجِر لا يَقْرَأْنَ بالسُّوَرِ @@ أراد : لا يقرأن السور . وقيل : معنى « اقرأ باسم ربك » أي اذكر اسمه . أمره أن يبتدىء القراءة باسم الله .