Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 97, Ayat: 2-3)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال الفراء : كل ما في القرآن من قوله تعالى : { وَمَآ أَدْرَاكَ } فقد أدراه . وما كان من قوله : « وما يُدْرِيكَ » فلم يُدْرِه . وقاله سفيان ، وقد تقدم . { لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ } بيَّن فضلها وعظمها . وفضيلة الزمان إنما تكون بكثرة ما يقع فيه من الفضائل . وفي تلك الليلة يقسم الخير الكثير الذي لا يوجد مثله في ألف شهر . والله أعلم . وقال كثير من المفسرين : أي العمل فيها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر . وقال أبو العالية : ليلة القدر خير من ألف شهر لا تكون فيه ليلة القدر . وقيل : عَنى بألف شهر جميع الدهر لأن العرب تذكر الألف في غاية الأشياء كما قال تعالى : { يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ } [ البقرة : 96 ] يعني جميع الدهر . وقيل : إِن العابد كان فيما مضى لا يسمى عابداً حتى يعبد الله ألف شهر ، ثلاثاً وثمانين سنة وأربعة أشهر فجعل الله تعالى لأمة محمد صلى الله عليه وسلم عبادة ليلة خيراً من ألف شهر كانوا يعبدونها . وقال أبو بكر الوراق : كان ملك سليمان خمسمائة شهر ، وملك ذي القرنين خمسمائة شهر فصار ملكهما ألف شهر فجعل الله تعالى العمل في هذه الليلة لمن أدركها خيراً من ملكهما . وقال ابن مسعود : إن النبيّ صلى الله عليه وسلم ذكر رجلاً من بني إسرائيل لبِس السلاح في سبيل الله ألف شهر فعجِب المسلمون من ذلك فنزلت { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ } الآية . { خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ } ، التي لبِس فيها الرجل سلاحه في سبيل الله . ونحوه عن ابن عباس . وهب بن منبه : إن ذلك الرجل كان مسلماً ، وإن أمّه جعلته نذراً لله ، وكان من قرية قوم يعبدون الأصنام ، وكان سكن قريباً منها فجعل يغزوهم وحده ، ويقتل ويسبي ويجاهد ، وكان لا يلقاهم إلا بِلَحيَيْ بعير ، وكان إذا قاتلهم وقاتلوه وعطِش ، انفجر له من اللَّحيين ماء عذب ، فيشرب منه ، وكان قد أُعطِي قوّة في البطش ، لا يوجعه حديد ولا غيره : وكان اسمه شَمْسُون . وقال كعب الأحبار : كان رجلاً ملِكاً في بني إسرائيل ، فعل خَصْلة واحدة ، فأوحى الله إلى نَبِيّ زمانهم : قل لفلان يتمنى . فقال : يا رب أتمنى أن أجاهد بمالي وولدي ونفسي فرزقه الله ألف ولد ، فكان يجهز الولد بماله في عسكر ، ويخرجه مجاهداً في سبيل الله ، فيقوم شهراً ويقتل ذلك الولد ، ثم يجهز آخر في عسكر ، فكان كل ولد يقتل في الشهر ، والملِك مع ذلك قائم الليلِ ، صائم النهار فقتِل الأَلْف وَلد في ألف شهر ، ثم تقدم فقاتل فقتِل . فقال الناس : لا أحد يدرك منزلة هذا الملك فأنزل الله تعالى : { لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ } من شهور ذلك الملك ، في القيام والصيام والجهاد بالمال والنفسِ والأولاد في سبيل الله . وقال عليّ وعروة : " ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أربعة من بني إسرائيل ، فقال : « عَبَدوا الله ثمانينَ سنة ، لم يَعصُوه طرفة عين » فذكر أيوب وزكرِيا ، وحِزقيل بن العجوز ويُوشَع بن نون فعجِب أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم من ذلك . فأتاه جبريل فقال : يا محمد عجبت أمتك من عبادة هؤلاء النفر ثمانين سنة لم يعصوا الله طرفة عين ، فقد أنزل الله عليك خيراً من ذلك ثم قرأ : { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ } . فسُرّ بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم " وقال مالك في الموطّأ من رواية ابن القاسم وغيره : سمعت من أثق به يقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُرِي أعمار الأمم قبله ، فكأنه تقاصر أعمار أمّته ألا يبلغوا من العمل مثل ما بلغ غيرهم في طول العمر فأعطاه الله تعالى ليلة القدر ، وجعلها خيراً من ألف شهر . وفي الترمذيّ عن الحسن بن عليّ رضي الله عنهما : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُرِي بني أمية على منبره ، فساءه ذلك فنزلت { إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ ٱلْكَوْثَرَ } [ الكوثر : 1 ] " ، يعني نهراً في الجنة . ونزلت { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ * لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ } يملكها بعدك بنو أمية . قال القاسم بن الفضل الحُدَّاني : فعدَدْناها ، فإذا هي ألف شهر ، لا تزيد يوماً ، ولا تنقص يوماً . قال : حديث غريب .