Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 99, Ayat: 4-6)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا } « يومئِذٍ » منصوب بقوله « إِذا زلزِلت » . وقيل : بقوله : « تُحَدِّثُ أَخْبارها » أي تخبر الأرضُ بما عُمِل عليها من خير أو شر يومئذٍ . ثم قيل : هو من قول الله تعالى . وقيل : مِن قول الإنسان أي يقول الإنسان مالها تحدّث أخبارها متعجباً . وفي الترمذيّ عن أبي هريرة قال : " قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية { يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا } قال : « أَتدرُون ما أخبارُها قالوا الله ورسوله أعلم ، قال : فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أَمَة بما عَمِل على ظهرها ، تقول عمل يوم كذا ، كذا وكذا » قال : « فَهَذِهِ أَخْبارُها » " قال : هذا حديث حسن صحيح . قال الماورديّ ، قوله { يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا } : فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : { تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا } بأعمال العباد على ظهرها قاله أبو هريرة ، ورواه مرفوعاً . وهو قول من زعم أنها زَلْزلة القيامة . الثاني : تُحَدّث أخبارها بما أخرجت من أثقالها قاله يحيـى بن سلام . وهو قول من زعم أنها زَلزلة أشراط الساعة . قلت : وفي هذا المعنى حديث رواه ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إذا كان أجلُ العبد بأرض أَوثَبَتْه الحاجة إليها ، حتى إذا بلغ أقصى أثره قبضه الله ، فتقول الأرض يوم القيامة : رَبِّ هذا ما استودعتني " أخرجه ابن ماجه في سُنَنه . وقد تقدم . الثالث : أنها تُحَدّث بقيام الساعة إذا قال الإنسان ما لَها ؟ قاله ابن مسعود . فتخبر أن أمر الدنيا قد انقضى ، وأمر الآخرة قد أتى . فيكون ذلك منها جواباً لهم عند سؤالهم ، ووعيداً للكافر ، وإنذاراً للمؤمن . وفي حديثها بأخبارها ثلاثة أقاويل : أحدها : أن الله تعالى يَقْلِبها حيواناً ناطقاً فتتكلم بذلك . الثاني : أن الله تعالى يُحْدِث فيها الكلام . الثالث : أنه يكون منها بيان يقوم مقام الكلام . قال الطبريّ : تُبين أخبارها بالرجَّة والزلزلة وإخراج الموتى . { بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا } أي إنها تحدّث أخبارها بوحي الله « لها » ، أي إليها . والعربُ تضع لام الصفة موضع « إلى » . قال العجَّاج يصف الأرض : @ وَحَى لَها القرَار فاستَقرّتِ وشَدَّها بالرّاسيات الثبَّتِ @@ وهذا قول أبي عبيدة : " أَوحى لها " أي إليها . وقيل : " أوْحَى لها " أي أمرها قاله مجاهد . وقال السدّي : « أَوْحَى لها » أي قال لها . وقيل : سخرها . وقيل : المعنى يوم تكون الزلزلة ، وإخراج الأرض أثقالها ، تحدث الأرض أخبارها ما كان عليها من الطاعات والمعاصي ، وما عمل على ظهرها من خير وشر . ورُوي ذلك عن الثوريّ وغيره . { يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ ٱلنَّاسُ أَشْتَاتاً } أي فِرقاً جمع شَتَّ . قيل : عن موقف الحساب فريق يأخذ جهة اليمين إلى الجنة ، وفريق آخر يأخذ جهة الشمال إلى النار كما قال تعالى : { يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ } [ الروم : 14 ] { يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ } [ الروم : 43 ] . وقيل : يرجعون عن الحساب بعد فراغهم من الحساب . { أَشْتَاتاً } يعني فِرقاً فِرقاً . { لِّيُرَوْاْ أَعْمَالَهُمْ } يعني ثواب أعمالهم . وهذا كما رُوي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما من أحدٍ يوم القيامة إلاّ وَيَلُومُ نفسه ، فإن كان محسِناً فيقول : لم لا ازددت إحساناً ؟ وإن كان غير ذلك يقول : لم لا نَزَعت عن المعاصي " ؟ وهذا عند معاينة الثواب والعقاب . وكان ابن عباس يقول : « أشْتاتاً » متفرقين على قدر أعمالهم أهل الإيمان على حِدة ، وأهل كل دين على حدة . وقيل : هذا الصدور ، إنما هو عند النشور يَصْدُرون أشتاتاً من القبور ، فيصار بهم إلى موقف الحساب ، ليرُوا أعمالَهم في كتبهم ، أو لِيرُوا جزاء أعمالهم فكأنهم وردوا القبور فدفِنوا فيها ، ثم صدروا عنها . والوارد : الجائي . والصادر : المنصرف . { أَشْتَاتاً } أي يبعثون من أقطار الأرض . وعلى القول الأول فيه تقديم وتأخير مجازه : تحدّث أخبارها ، بأن ربك أوحى لها ، ليروا أعمالهم . واعترض قوله : { يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ ٱلنَّاسُ أَشْتَاتاً } متفرقين عن موقف الحساب . وقراءة العامة « لِيُرَوا » بضم الياء أي لِيريهَم الله أعمالهم . وقرأ الحسن والزهريّ وقتادة والأعرج ونصر بن عاصم وطلحة بفتحها وروي ذلك عن النبيّ صلى الله عليه وسلم .