Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 12-12)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ } الكافر ، والإِنسان المطلق لأَن من شأْنه ولو مؤْمناً القلق بالضر { الضُّرُّ } المرض أَو الفقر أَو الذل أَو غير ذلك مما يسوؤُه ، وعبر بالمس تلويحاً بأَنه يقلق من أَول الأَمر ، وتكذيباً لما يوهمه طلبهم الشر من القدرة عليه كيف تطلبونه وأَنتم لا تطيقونه ولا تصبرون عليه ، وبياناً لكونه لو قضى إِليهم لم يؤَخروه ولم يطيقوه على أَى حال كان من قيام أَو قعود أَو اضطجاع ملحا كما قال { دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَائِماً } بالنصب على الحال ، أَى ثابتاً أَو مضطجعاً على جنبه الأَيمن أَو الأَيسر ، فاللام بمعنى على أَو ملقياً لجنبه على الأَرض ، فتكون على أَصلها إِلا أَنها للتقوية ، وأَو لتنويع الأَحوال فهى كالواو ، ويجوز أَن تكون لتنويع أَصناف المضار أَى لمرض لا يطيق معه القعود ولا القيام ، أَو لمرض يطيق معه القيام كالقعود أَو يطيق معه القعود كالاضطجاع لا القيام ، والأَول أَولى لعمومه وخصوص الثانى بالأَمراض ، وعلى كل حال ذلك غالب لا حصر لأَنه بقى الركوع والسجود والميل جانباً دون استواء قعود أَو اضطجاع ، والاستلقاءُ والانكباب على الوجه وهو نهى عنه ، فذلك تمثيل ، وقد يدخل الركوع فى القيام والميل والسجود فى القعود على معنى أَن القعود ماعدا الاضطجاع والقيام ، وكم مريض لا يطيق الاضطجاع ولا القعود بل الميل ، ولعل ذلك الترتيب في الذكر أَن الاضطجاع أَولى بالتسلى لأَنه مظنة سكون ، وبعده القيام فإِنه مظنة اشتغال بعمل ، ومع ذلك لا يترك الدعاءَ والقعود دونهما فإِن فيه انتصاباً غير تام فأَخر . والله أَعلم { فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ } دام على حاله من التقصير والغفلة ولو كان موحدا ، وعلى حاله من الكفر إِن كان كافراً ، أَو ذهب عن موضع الدعاءِ ، أَو عن الدعاءِ لا يرجع إِليه ، وهذا كثير فى أَهل التوحيد فلا يختص الإِنسان المذكور بالمشرك ، ولا يتعين اختصاصه به لقوله { وكذلك زين للمسرفين } لصحة أَن يكون المعنى تلك خصلة سوءٍ فيمن كان موحدا أَو مشركا كما زين للمشركين مطلق ما يعملونه من شرك ، أَو أَراد بالإِسراف الفسق بالشرك أَو بما دونه ، كل يلح فى الحاجة فإِذا حصلت { كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ } أَى كأَنه ، أَى الشأْن أَو الإِنسان الداعى ، وجوز سيبويه فى مثل ذلك أَن يرجع الضمير إِلى ما يصلح بالمقام لا إِلى خصوص الشأْن ، والجملة حال من ضمير مس ، والمعنى مشبها من لم يدعنا إِلى إِزالة ضر مسه أَو فى شأْن ضر بالدفع على أَن تكون على بمعنى فى ، والأَصل الأَول وهو بعد الكشف كحاله قبل الابتلاءِ والتضرع والقوة وعدم الضر . ومسه نعت ضر . قال أَبو الدرداءِ : ادع الله يوم سرائك يستجيب لك يوم ضرائك ، وعن أَبى هريرة وسلمان : من سره أَن يستجيب الله تعالى له عند الشدائد والكروب فليكثر الدعاءَ فى الرخاءِ { كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } من الاستغراق فى الشهوات وفى ترك العبادة واستعمال الجوارح فى المعاصى وقد خلقت للطاعة ، إِسراف كاستعمال المال فيما يضيع أَو يضر ، أَى مثل ذلك المرور على حاله من الدعاء عند الضر والإِعراض عند الرخاءِ قبل الابتلاءِ ، ولم أَقل مثل ذلك التزيين لأَنه لم يتقدم لفظ زين ولو كان فى ضمن ما ذكر ، ويجوز أَن يكون الكلام كناية كقولك مثلك لا يبخل إِلى جعل الكاف زائِدة على معنى أَنه زين للمسرفين ما كانوا يعملون ذلك التزيين .