Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 60-61)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَأُتْبِعُوا فِى هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً } يلعنهم الناس بعدهم والجن والملائِكة والأَنبياءُ فى الوحى وكتبهم ، وقيل جعلت اللعنة كشخص يتبع آخر ليهلكه بالقتل أَو ليلقيه فى هوة فذلك تمثيل ، والضمير لعاد مطلقا ، وقيل لمتبعى الجائِرين منهم { وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ } يلعنهم من ذكر ، وبعضهم بعضا ، أَو يقدر وأَتبعوا لعنة يوم القيامة أَو عطف على هذه لأَنه على معنى فى ولو نصب { أَلاَ إِنَّ عَاداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ } جحدوه وكفروا به ، أَو كفروا نعمه { أَلاَ بُعْداُ لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ } بعدوا بعدا ، كرر ذكر هلاكهم وذكر اسمهم ، سموا باسم جد لهم وأَظهر ، وذلك لمزيد التشنيع عليهم والتحذير من فعلهم ، وذلك إِخبار لا دعاءٌ لأَن الله هو المالك لكل شىءٍ القادر على كل شىءٍ ، وقد يقال أَمر الخلق يدعو بذلك تعبدا وهو عاد الأُولى ، ونبيهم هود عليه السلام ، وأَضافها إِلى هود واحترازا عن عاد الثانية عاد إِرم ، وإِرم جدّ لهم يقال عاد بن عوص بن آم بن سام بن نوح ، وذكر عادا الثانية ونبيهم صالح عليه السلام بقوله : { وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً } مثل وإِلى عاد أَخاهم هودا ، والأُخوة فيهما أُخوة النسب ، سموا باسم أَبيهم ثمود لشهرتهم ، وبين صالح وجده ثمود خمسة أَجداد ، وبين صالح وهود مائَة سنة ، وعاش صالح مائَتين وثمانين سنة ، ومساكن ثمود بين الشام والمدينة { قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ } وما تدعونه آلهة من الأَصنام باطل ليس إِلها { هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِّنَ الأَرْضِ } لا أَصنامكم ، فليست آلهة وإِنما الإِله هو الذى يخلق ما يشاءُ من الأَرض ، ومعنى إِنشائِهم من الأَرض إِنشاؤهم ممن أَنشىء منها وهو آدم بوسائِط بينكم وبينه ، وأَيضا بعد إِنشائِه منها يأْكل هو وآباؤُكم وأُمهاتكم وحواءُ مما نبت من الأَرض ومن لحوم وأَلبان ما يأْكل مما نبت منها أَو يقدر إِنشاءَ آبائِهم . وقيل : من بمعنى فى ، وتقديم الفاعل فى المعنى ، وهو قوله هو للتخصيص بمعنى أَنه خصه بالذكر لأَنه لو كان غيره وحده أَو معه لذكر ذلك ، وبعض يصرح بأَن ذلك حصر والمعنى على كل حال هو إِنشاؤُكم من الأَرض لا غيره ، تقول أَنا سعيت فى حاجتك لا غيرى ولو لم يذكر الضمير البارز لم يفد التخصيص { وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا } هو لا غيره فهذا تخصيص أَيضا لأَنه معطوف على أَنشأَكم المخصص بذكر أَنا قبل الفعل ولو لم يذكر ، أَو أَخر تأْكيداً لم يفد الحصر واستفعل هنا للتعدية وهى التصيير أَى جعلكم عامرين فيها أَى باقين أَحياءً ، وذلك من العمر ، يقال عمر الرجل بكسر الميم يعمر ـ بفتحها عمرا بإِسكان أَى بقى ، واستعمره الله أَبقاه حيا ، أَو للطلب أَى طلبكم أَن تعمروا الأَرض بالسكنى والبنيان والحرث والإِسلام ، والطلب من الله على ظاهره إِلا أَن الله قادر غير محتاج قاهر غير عاجز ، أَو بمعنى الأَمر والإِقدار أَى أَوجب عليكم عمارتها وأَقدركم عليها ونهاكم عن إِخرابها بإِهمالها وبعمل المعاصى ، والبناءُ واجب كسد الثغور والقناطر على العيون المهلكة وبناءِ المسجد الجامع فى المصر ، والمندوب كالقنطرة على غير الماءِ والمدارس والرباط تيسيرا للناس ، ومباح كبيوت السكنى ، ومكروه كالزيادة على الحاجة ، ومزيد التجويد ، ومحرم كالبناءِ بالحرام أَو فى الحرام وبالمبالغة فى التجويد والتذهيب والتفضيض ، أَو من العمرى كما تقول فى الحديث هى لك عمرى أَو عمرك أَى جعلكم تسكنون فيها أَعماركم ثم تتركونها لغيركم بالموت أَو جعلها لكم عمرى ويرثها بعد انصرام أَعماركم { فَاسْتَغْفِرُوهُ } من الإِشراك والمعاصى وآمنوا به وحده { ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ } بالطاعة وثم لعلو مرتبة التوحيد والتخلى عن سائِر المعاصى { إِنَّ رَبِّى قَرِيبٌ } أَى ليس غائِبا عن استغفاركم وتوبتكم ودعائِكم فهو نافعكم لعلمه بذلك ، أَو قريب الرحمة كما قال : { إِن رحمة الله قريب من المحسنين } [ الأَعراف : 56 ] ( مُّجِيب ) لدعائِه ، وقيل قريب متعلق بتوبوا ومجيب متعلق باستغفروا .