Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 23-23)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَرَاوَدتْهُ } طالبته ، من راد يرود إِذا جاءَ وذهب ، أَو رفق فى طلب شىءٍ ، وكان بصيغةِ المفاعلة بين اثنين مع أَن يوسف لم يطلبها للمبالغة ، أَو عبر بصيغة المفاعلة بين اثنين تنزيلا للسبب الذى هو جمال يوسف ، وكونه مملوكاً لها أَو لزوجها وكونه فى دارها منزلة المسبب وهو الطلب كمطالبة الدائن ومماطلة المدين ؛ فإِنه لا مطالبة للمدين ولا مماطلة للدائن ، ومداواة الطبيب للمريض فإنه لا مداواة للمريض ، لكن لما كانت دوافع من المدين والدائن ، والطبيب والمريض ، فنزلت منزلة المفاعلة ، أَو ذلك مراعاة لكونها طلبت منه الفعل فطلب منها الترك ، أَو المعنى لاينته مخادعة له ليطاوعها والمفاعلة على بابها لأَنه أَيضا لاينها فى الامتناع منها ، إذ امتنع بلا ضرب لها أَو للمبالغة { الَّتَى هُوَ } أَى يوسف { فِى بَيْتِهَا } ولم يذكر اسمها كزليخاءَ أَو راعيل ستراً عليها ولاستهجان ذكرها أَو لكراهة جمع الزاى والخاء ، وفى قوله : بيتها ، إعلان عظيم بنزاهة يوسف وورعه إِذ كان فى بيتها برضاها وخلوه بها مع أَنها المطالبة له ، ومع جمالها ولملكها له ولم يوافقها ، وأَضاف البيت إِليها مع أَنه للعزيز فيما يظهر لأَن النساءَ يلزمن البيت ويقمن بمصالحه كما قال الله - جل وعلا - : { وقرن فى بيوتكن } [ الأَحزاب : 33 ] { عَن نَّفْسِهِ } عدَّى راود بعن لتضمنه معنى المخادعة بمعنى أَنها طالبته بأَن تنتقل عنه إِليها نفسه الأَمارة بالسوءِ ، أَو ذاته فيواقعها { وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ } التشديد للمبالغة بأَن أَغلقتها إغلاقا عظيما ، أَو للتكثير بأَن قفلتها بقفلين أَو ثلاثة مثلا ، أَو أَسندت إِليها من داخل مالا يطاق من خارج ، أو لكثرة الأَبواب ، وقد قيل : إِنها سبعة وأَغلقتها كلها وذلك كثير ، ولو كانت ثلاثة أَو أَكثر مما هو دون جمع القلة ، ولا يخفى أَن فى جعل الأَبواب بابا ، أَو أَن كل جزءٍ من الباب باب ، ودعوى أَن إِغلاقه بأَقفال تنزيل بمنزلة تعدد الباب تكلف كتكلف من قال بزيادة الواو فى ولنعلمه ، وقيل : أَغلقت باب الحجرة وباب الدار وهما فى الحجرة ، ووجه المبالغة ، بالتشديد أَنه يجوز أَغلقت الأَبواب بالهمزة وعدل عنه إِلى التشديد كذا قيل ، ولا أَسلم أَن ذلك مبالغة سوى أَنه تشديد كتشديد المبالغة ، وإِن صح غلقت الباب بالتخفيف جائز فصحيح ، فالمبالغة ظاهرة فى التشديد وإِلا فلا يحمل القرآن على اللغة الرديئة ببناءِ التشديد عليها { وَقَالَتْ هَيْتَ } اسم فعل بمعنى أَقبل مبادرا ، أَو تهيأْت ، فعلى الأَول اسم فعل الأَمر وعلى الثانى اسم الفعل الماضى ، أَخبرت عن نفسها بأَنى قد تهيأْت لك ، وهو عربى لا سريانى كما قيل عن ابن عباس ، ولا قبطى كما قيل عن السدى { لَكَ } اللام للبيان كأَنه قيل أَمرى بالإِقبال هو لك ، أَو خطابى لك ، أَو هذا الكلام مقول لك ، أَو تهيؤى لك ، وحرف الجر لايتعلق باسم الفعل ، وقيل يتعلق ، فيجوز أَن يعلق لك بهيت ، فيجوز أَن تقول صه لى { قَالَ مَعَاذَ اللهِِ } مصدر ميمى بمعنى عياذة الله ، وأًصله أَعوذ بالله معاذاً أَى أَعتصم به اعتصاما عن الزنا مطلقا ، ولا سيما بزوج سيدى ، وحذف الفعل وناب عنه معاذ ، وأُخر لفظ الجلالة وأُضيف إِليه { إِنَّهُ } أَى العزيز زوجك دل عليه بالمقام ، أَو أَن الشأْن أَو أَن الله { رَبِّى } خبر إِن على أَن الهاءَ للعزيز أَو لله { أَحْسَنَ مَثْواىَ } خبر ثان أَو خبر وربى بدل أَو بيان ، وعلى الشأْن فربى مبتدأُ ، أَحسن الله مقامى فلا أَعصيه بالزنا ، أَو سيدى فلا أَخونه فى زوجه ، وقد قال لها أَكرمى مثواه ، وكذلك يقول : أَحسن الله مثواى بالعزيز ، ويترجح رد الهاءِ لله تعالى ، لأَن المتبادر أَنه عليه السلام لا يطلق على مخلوق أَنه ربه ، ولو احتمل أَنه أَراد العزيز بمعنى السيد فإنه اشتراه { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ } لأَنفسهم بالزنا ، أَو لأَصحاب الأَزواج بأَزواجهم ، والمزنى بها مظلومة فى حقها عند الله ولو أَباحته ، ولو لم يكن لها زوج ، أَو الظالمون مطلقا فيدخل الظلم بالزنا بالأَولى ، ومن زنا بامرأة ولو مات زوجها عنها فقد ظلمه كرهت أو رضيت ، والإفلاح الدخول فى الفلاح ، والفلاح دنيوى ، وهو البقاءُ والغنى والعز ، وأُخروى وهو البقاءُ والغنى والعز والعلم الدائمات ، ولذلك قيل : لا عيش إِلآ عيش الآخرة .