Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 29-30)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يُوسُفُ } يا يوسف ناداه باسمه لطفاً وإِزالة لخوفه { أَعْرِضْ عَنْ هَذَا } الأَمر واكتمه ولا تظهره وأَنت صادق وكأَنه غير واقع ، وحذف حرف النداءِ لأن المقام خفية أَو خفاءُ مع قرب يوسف ، والنداءُ من العزيز ، وزعم بعض أَنه من الشاهد ، وروى هذا عن ابن عباس ، والاستغفار المذكور طلب العفو والصفح من العزيز ، أَو من الله لأَنهم يقرون بالله تعالى ويعتقدون أَن للقبائح عاقبة سوءٍ من الله تعالى إِن لم يغفرها ، وقد قلن حاشا لله ، وآمن بالملائكة إٍذ قلن إِن هذا إِلا ملك كريم ، { واسْتَغْفِرِى لِذَنْبِكِ } يا زليخاءُ أّو راعيل . { إِنَّكِ كُنْتِ } فى طلب الفاحشة من يوسف ، أَو نسبة طلبها إِليه { مِن الْخَاطِئِينَ } ولم يقل من الخاطئات تغليباً ، وهو اَقوى من قوله إِنك خاطئة ، والخطأُ الذنب قال أَبو حيان : إِذ طال مقامه فى مصر وهو غريب أَندلسى : إِن العزيز كان قليل الغيرة ، وإِن تربة مصر تقتضى قلة الغيرة ، ولهذا لا ينشأ فيها الأسد ولو دخل لا يبقى ، ومما قال فى شأْن مصر : @ أًقمنا بمصر نحو عشرين حجة يشاهدنا ذو أَمرهم ونشاهده ولما ننل منهم مدى الدهر طائلا ولما نجد منهم صديقاً نوادده @@ ومصر تطلق على مصر القاهرة وعلى أَسوان ورشيد وما بينهما ، وشهر أَمر يوسف بين الرجال والنساءِ وتحدثوا به كما قال الله - عز وجل : { وَقَالَ نِسْوَةٌ } خمس امرأَة صاحب الملك ، وامرأَة صاحب دوابه ، وامرأَة خازنة ، وامرأَة ساقيه ، وامرأَة صاحب سجنه ، وهو اسم جمع ، وقال الرضى : جمع يقدر له مفرد كفتية وصبية بكسر أَولهما وإِسكان ثانيهما وتأْنيثه غير حقيقى ؛ لأَن المراد الجنس ، أًو الفريق ، فلم يقرن الفعل بالتاءِ ، ويقال : هن زوج الحاجب ، وزوج الساقى ، وزوج الخباز ، وزوج السجان ، وزوج صاحب الدواب ، والحاجب هو البواب ، وقال الكلبى : إِنهن أَربع بإِسقاط امرأَة الحاجب { فِى الْمَدِينَةِ } مصر متعلق بقال أَو نعت لنسوة ، وذكر المدينة لأَن قول نسائِها أَشد إِغاظة من نساءَ مدينة أُخرى أَو نساءِ البدو { امْرَأَةُ العزيزِ } هو بلسان العرب الملك ولو لم يكن عظيماً فإِنه هنا قطفير وهو وزير الريان { تُرَاوِدُ فَتَاهَا } عبدها الكنعانى يوسف ، وأَلف فتى عن ياءِ لقولهم فتيان ، وقولهم الفتوة شاذ والأَصل الفتية بوزن الفتوة ، وقيل عن واو ، وقيل لغتان : إِحداهما عن واو والأُخرى عن ياءٍ ، ويرده أَنه لم يسمع فتوان بالواو ، وفى الحديث : " لا يقل أًحدكم عبدى وأَمتى وليقل فتاى وفتاتى " ، وذلك ندب لا تحريم ، وقد قال الله عز وجل : { من عبادكم وإِمائكم } [ النور : 32 ] { عَن نَّفْسِهِ } وهو يمتنع منها ، والمضارع للتكرير أَى اعتادت مراودته عن نفسه { قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً } تمييز عن الفاعل أَى شغفها حبه أَى وصل شغاف قلبها أًى شقة ، وهو جلدة تغطى القلب يقال لها لسان القلب ، والأَولى أَن يقال : أَصاب حبها شغاف قلبها ؛ لأَنه لو شق الشغاف لماتت ، فالمراد فرط الحب ، ويقال دخل وسط قلبها ، وذلك من اشتقاق الفعل من اسم الشىءِ لإِصابته كركبته ، أَصبت ركبته ، ورئئته أَصبت رئته ، وكبدته أَصبت كبده ، ورأَسته أَصبت رأسه ، أَو المراد أَن حبه دار بقلبها وصار لها حجاباً مانعاً لها من غيره فلا يخطر بقلبها سواه ، كما دارت الجلدة على القلب ، وقيل الشغاف جلدة رقيقة على القلب غير محيطة به كله ، وقيل : الشغاف داءٌ يصل القلب من فرط الحب ، أًى وصلت هذه المرتبة من الحب ، وقيل الشغاف رأْس القلب عند معلق النياط وقيل سويداءُ القلب ، كما قيل عن الحسن أَنه باطنه ، وعن الفارسى ، أنه وسطه ، وقيل : شغفها قتلها ، وقيل : أَجنها ، وأَول مراتب الحب الهوى ؛ فالعلاقة وهى الحب اللازم للقلب فالكلف وهو شدة الحب فالمعشوق وهو ما فضل عن المقدار المسمى بالحب ، والشغف بعين مهملة وهو احتراق القلب مع لذة يجدها ، وكذا اللوعة واللاعج فالشغف بإِعجام وهو أن يبلغ شغاف القلب ، فالجوى وهو الهوى الباطن ، فالمتيم وهو أن يستعبده الحب ، فالتبل وهو أَن يسقمه الحب فالتدله وهو ذهاب العقل من الحب ، فالهيوم وهو أن يذهب على وجهه لغلبة الهوى { إِنَّا لِنراهَا } نعلمها يقيناً لا مجازفة { فِى ضَلاَلٍ } عن الصواب أَو الدين { مُبِينٍ } ظاهر أَو مظهر شأْنها إِذ تركت ما يتعين على أًمثالها من العفاف لرتبتها ورتبة زوجها حتى دعت هى لنفسها خادمها .