Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 49-49)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ثُمَّ يَأْتِى مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ } بعد ما ذكر من سنى القحط ، والبعد للتفخيم ، والإشارة تلويح للوصف { عَامٌ فِيهِ } قدم للاهتمام أَو للحصر بالنسبة إِلى السنين الشداد { يُغَاثُ } مضارع غاث الثلاثى متعد ، يقال غاثنا المطر أَصابنا وغاثنا الله بالمطر ، والأَلف عن ياءٍ ، قالت أَعرابية : غُثنا ماشيتنا - بضم الغين وكسرها - مبنياً للمفعول ، وماشية بدل اشتمال { النَّاسُ } المعهودون ببلاءِ القحط ، أَو أَل للاستغراق العرفى ، وقد ذكر فى بعض الأَخبار أَن القحط فى تلك السنين القحطية عم الدنيا كلها ، وأَنه مات فيه أَهل مدن كثيرة فتكون أَل للاستغراق الحقيقى ، ويدل له ما يتبادر من الغيث من أَنه المطر ، وأَهل مصر والنيل لا ينتفعون بالمطر ، إِلا أَنه على أَن يبقى أَهل مصر مذكورين فلعل الغيث على عمومه بعض الأَقاليم بالمطر ، وبعضها بالنيل وقد يقتصر على المطر ؛ لأَن مادة النيل الأَمطار فى أَعاليه ، أَو المراد الغوث من القحط ، والغوث بمعنى الإِغاثة ، وهو رباعى واوى والتنجية يعم كل ذلك فى كل موضع قصد { وَفِيهِ يَعْصِرُونَ } قدم فيه للاهتمام وأَما الحصر فلا إِلا باعتبار سنى القحط ، وأَيضاً قدم للمفاصلة ، ولم يؤْت بمفعول يعصرون للعموم بحيث يطلق على ما يصلح عصره على الإطلاق من زيت وماءٍ عنب وسكر وسمسم وغير ذلك مما يعصر من النبات والثمار ، وكأَنه قيل : يعصرون الزيت وماءَ العنب ونحو ذلك ، وقيل يعصرون ينجون أَى من القحط كماقال أَبو زيد فى الإِمام عثمان : @ صاد يستغيث غير مغاث ولقد كان عصره المنجود @@ أى منجاة المنجود ، قيل يعصرون : ينالون المطر ، وقيل يعصرون : يحلبون الضروع ، ولا مانع من كل ذلك ، ولا مدخل لقوله : { ثم يأْتى } إِلخ وفيه يعصرون لتعبير الرؤْيا فإِنه خارج عنها بل علم ذلك بالوحى أَو الإِلهام ، أَو بانتهاءِ الجدب بالخصب ، أَو بأَن عادة الله التوسعة بعد الضيق ، إِذا حل أَمر فانتظر وقع ضده ، البيت ، واعترض بأَنه لو كان كذلك لأَجمل فى البشارة ، وأَن حصر الجدب يقتضى تغييره بخصب ما لا على ذكره ، وهو بشارة بشرهم بها تعقب تمام تأْويل الرؤْيا بالسنين المخصبة فى مقابلة البقرات السمان ، والسنبلات الخضر ، وبسنى الجدب فى مقابلة البقرات العجاف ، والسنبلات اليابسة ، وقد كان يكفى البقرات السمان والسنابل الخضر مع البقرات العجاف أَو السنابل اليابسات لكن جمع ذلك لكمال السعة والشدة .