Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 6-6)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وكّذَلِكَ يجْتَبِيكَ رَبُّكَ } كما اجتباك ربك لهذه الرؤيا ، وكذا مثلها كرؤيا العصا ، يجتبيك للملك والنبوة وتفسيرالأَحلام وغير ذلك من الأُمور العظام كالآراءِ السديدة ، والاجتباءُ الاختيار ، ويجوز أَن يتحد المشبه والمشبه به كأَنه قيل : يجتبيك ربك هذا الاجتباءَ بهذه الرؤيا ، كما تقول فى الأَمر المعظم الأَمر كذلك ولست تشير إِلى أَمر آخر وتطعم زيدا فتقول كذلك أَطعمته ، ولم تشر إِلى إِطعام آخر ، ولا إِلى غير زيد كأَنك تعتبر أَن ذلك الشىءَ غيره فى الخارج ، والواضح أَن يقال المعنى ، ومثل ذلك الاجتباء وكذلك التعليم وإِتمام النعمة يجتبيك ربك بغيرهما لقوله : { وَيُعَلِّمَكَ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتهُ عَلْيكَ وَعلَى آلِ يَعْقُوبَ } أَو يتم نعمته خارجا عن التشبيه ، أَو يجعل إِتمام النعمة اجتباءً ، ذكره ليبين أَن ذلك إِتمام للنعمة ، أَو عطف عام على خاص ، وقد قيل : كل من التعليم وإِتمام النعمة خارج عن التشبيه ، ولو دخل فيه لكان المعنى ، ويعلمك تعليما مثل الاجتباءِ بمثل هذه الرؤيا ، ولا يخفى عدم حسنه ، لأَن الاجتباءَ وجه الشبه ولم يلاحظ ذلك فى التعليم ، ولو أَمكن بأَن التعليم نوع من الاجتباءِ والنوع يشبه بالنوع ، ولكن يدل على أن التعليم لم يلاحظ فيه والاجتباءَُ عطف عليه ، إِلا أن يقال عطف عام على خاص ، وأَيضا لا نسلم أَن الاجتباءَ وجه شبه بل مشبه ، وتأْويل الأَحاديث تفسير ما خفى من كتب الله ، وهى الصحف وسنن الأَنبياءِ والكلمات الحكماءِ وأَفعالهم ، أَنبياء أَو غيرهم ، وأَما حكماءُ أُمور الدنيا فحدثوا بعد ذلك بطويل ، ولو وجدوا على عهده لم يشتغل بتفسير كلامهم ، وأَما تفسير الرؤيا فدخل قبل هذا ، وإِن لم يدخل فيما قيل دخل بتأْويل الأَحاديث ، فتفسير الأَحاديث بأَحاديث الرؤيا لأَنها كلام ملك إِن كانت حقا وكلام شيطان إِن كانت باطلا ، ويجوز أَن يفسر تأْويل الأَحاديث بتفسير الرؤيا وتفسير الصحف والحكم والسنن ، والأَحاديث جمع أَحدوثة ؛ إِلا أَن الأُحدوثة مختص بالحديث ، وأَما باعتبار لفظ حديث فاسم جمع ، وما ذكرت من أَن أُفعولة كأُحدوثة وأُعجوبة وأُنكوحة للأَمر العظيم وهو المشهور عند النحاة ، وقال الرضى : للشىءِ الضعيف وليس كذلك ، ولا لما سيكون كما قيل ، وقيل : هوجمع لواحد غير ملفوظ به وهو أُحدوثة ، والذى يظهر لى أَن أُحدوثة مسموع ، وإِتمام النعمة يكون بالنبوة على يوسف وسائر آل يعقوب وهم إِخوته ، وعلم يعقوب بذلك بكونهم فى الرؤيا نجوما مضيئَة كذا قيل ، والصحيح أَنهم أَولياءُ تابوا لا أَنبياءُ ؛ لأَن الأَنبياءَ لا يصدر منهم ما صدر منهم من الظلم ، فإِتمام النعمة عليهم إِرشادهم للناس إِلى الحق كما يرشد الضوءُ لعلمهم ، قال يعقوب هم ونسلهم لوجود الخير فيهم علما ونبوة ، ومالا ، وجاها ، وسلطنة ، واتباعا لا فى كل نسله ، وقيل : إِتمام النعمة ؛ الجمع لهم بين نعم الدنيا والدين ونعم الآخرة { كَما أَتَمَّهَا عَلى أَبَويْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ } بالعلم والنبوة لهما وبالخلة والنجاة من النار ونجاة إِسماعيل من الذبح لإِبراهيم ، وعلى متعلق بأَتم ، وهو يدل على تعليق عليك بيتم وهو الظاهر ، ولو جاز تعليقه بنعمة ، وزاد قوله من قبل تصريحات باتصال النعم قبل وبعد ؛ سواءٌ قلنا المراد من قبلك أَو من قبل هذا الوقت ، الماصدق واحد ، ولم يذكر يعقوب نفسه تأْدبا مع الأَبوين ، أَو هضما لنفسه ، أَو لكونه معروفا بالعيان ؛ لا بالإِخبار والبيان ، أَو لأَن شرف من قبله ومن بعده شرف له { إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ } بكونهم ذوى قوة قدسية وفضائل روحانية من فضل الله عز وجل يستحقون بها الاجتباءَ بالنبوة { الله أَعلم حيث يجعل رسالته } [ الأنعام : 124 ] والحق أَن النبوة غير مكتسبة { حَكِيمٌ } يضع الأَشياءَ فى مواضعها لا يسفه ولا يعبث ، فقد وضع الاجتباءَ وإِتمام النعم فى أَهل ذلك ، ويعقوب جازم بالاجتباءِ وإِتمام النعمة ، وتعليم التأْويل ، وأَما خوفه من أَن يهلكه إِخوته ، ومن أَن يأْكله الذئْب ، وقوله لعزرائيل : هل مات يوسف . فنسيان ، أَو من ضروريات البشر عند الشدة ، أَو توهم أَن لذلك شرطا لم يطلع عليه .