Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 13, Ayat: 26-26)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ } قدم المسند إِليه تأْكيدا بإِسنادين ، لأَن فى يبسط ضميره لا للحصر كما قال عبد القاهر وتبعه عليه من لم يتأَمل والذوق لا يقبل أَن قولك زيد يقوم للحصر ، وبسط الرزق توسيعه ، وذلك استئْناف بيانى كأَنه قيل : لو كانت لهم اللعنة وسوءُ الدار ، لم يبسط الله رزقهم ؛ فأَجاب بأَن بسطه لهم ليس لرضى الله بكفرهم بل لحكمته أَن يجازيهم فى الدنيا على خير عملوه ، أَو أَن يزدادوا عذابا بكفر النعم وقد يضيق على الكافر لينزجر ، وقد يضيق على المؤمن ليعظم ثوابه لا لإِهانته ، ويبسط له ليزيد شكرا ، ولذلك علق البسط والتضييق بمشيئته لا بقيد كفر أًو إِيمان بل إجمالا كما قال : { الله يبسط الرزق } { لِمَنْ يَشَاءُ } البسط له من كافر ومؤمن { وَيَقْدِرُ } يضيقه لمن يشاءُ منهما { وفَرِحُوا } أَى كفار مكة أَو عموما فيدخلون بالأَولى ، ويبعد عطفه على ينقضون أَو يفسدون ، على أَن ما بينهما اعتراض ، ووجه البعد أَن الفرح بالحياة الدنيا مثل ينقضون وما بعده فى أَن يجاب به السؤَال المقدر على الاستئناف البيانى فلو كان العطف على ذلك لأَخر قوله : { الله يبسط الرزق } إِلخ ، ولم يتعرض به ، ويدل على عدم العطف عليه أَن الثانية بصيغة الماضى ، فإِنه ولو جاز ذلك العطف لكن الأَنسب التوافق فى الماضوية أَو المضارعية { بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا } فرح بطر لا فرح سرور بفضل الله وقصد شكر عليه ، وهذا تقبيح لحالهم إِذ ركنوا إلى الدنيا واستعملوا فى المعصية ما أُعطوه ليعبدوا الله - عز وجل - به ، والآية دليل على أَن الركون إلى الدنيا حرام ، وفى الآية حذف والأصل ، وفرحوا بنعم الحياة الدنيا ، وبالحياة الدنيا فى النعم { وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِى الآخِرَةِ } فى جنب حياة الآخرة ، يتعلق بمحذوف حال من المبتدإِ عند مجيز ذلك ، وهو ضعيف لأَن عامل المبتدإِ الابتداءُ ، وهو لا يقيد بالحال إلا أن يعتبر النفى ، والأَولى أَن يتعلق بنسبة الكلام ؛ كأَنه قيل : محكوم عليها فى جنب الآخرة { إِلاَّ مَتَاعٌ } شىءٌ قليل يتمتع به كما يستصحبه الراعى إلى رعيه من طعام أَو إِلى أَهله من لبن ضحى أَو يتعجل به المسافر بلا احتفال ، أَو يعطاه وهو راكب أَو غذاءٌ أَو عشاءٌ ، والتنكير للتحقير ، ولو ملكوا ما ملكوا لأَنه لا يكمل ، ويتكدر وينقطع أَو ينقطعون ، أَو المعنى الدنيا مزرعة الآخرة ، نام صلى الله عليه وسلم على حصير فقام وقد أَثر فى جنبه فقالوا : يا رسول الله لو اتخذنا لك مهدا ؟ فقال : " ما لى وللدنيا ما أَنا فى الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها " .