Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 13-14)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وقَالَ الَّذِينَ كَفرُوا لِرُسُلِهِمْ } هم الكفرة المتمردون المؤذون للرسل القائلون إِن أَنتم إِلا بشر إِلخ ، أَو الكفار مطلقا فإِن ضعفاءَهم راضون بالقول فكأَنهم قالوا لرسلهم { لَنُخْرِجنَّكُمْ } لمخالفتكم ملتنا { مِنْ أَرْضِنَا } لكثرة الكفرة ومعاضدتهم وقبحهم ينسبون الأَرض لأَنفسهم مع أَنها مشتركة بينهم وبين المسلمين ، والمسلمون أَحق بها كما قال كفار قريش يوم الحديبية : ارجع العام لئَلا يتحدث الناس أَنك دخلت مدينتنا وأَرضنا بغير إِذننا { أَوْ لَتَعُودُنَّ فِى مِلَّتِنَا } لتصيرن فى ملتنا ، أَو لتدخلن فى ملتنا ، وإِلا فليسوا فيها ، قيل : فعبر بالمطلق عن المقيد الذى هو الكون فى الشىءِ بعد الانصراف عنه ، أَو هو على ظاهره ، توهموا أَن الرسل أَشركوا ، قيل : لأَنهم نشأُوا معهم فى أَرض الشرك ، إِذا ربما لم ينهوا المتمردين قبل الإِرسال لعدم قدرتهم ، ولو نهوا غيرهم ، أَو الخطاب لمجموع الرسل ، ومن آمن بعد إِشراكه من أَتباع ، فغلبوا على الرسل لأَنهم أَكثر وقد كانوا فى الشرك ، وغلبوا الرسل عليهم فى الخطاب على أَن أَتباعهم غير حاضرين فى حال الخطاب ، حصروا أَمرهم فى أَحد أَمرين : مقدور لهم وهو الإِخراج ، وغير مقدور ، فروعى المقدور عليه فكفى عن غيره وهو الكون فى ملتهم ، أَو ادعوا القدرة على إِجبارهم إلى الملة ، والمراد على الأَول ، إِن لم تدخلوها أَخرجناكم ، ويدل على أَن الخطاب للرسل خطابهم شعيبا بقولهم أَو لتعودن { فَأَوْحى } بعد هذه المحاورة بسببها { إِلَيْهِم رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمينَ } هؤلاءِ الكفرة المتمردين وأَهلكهم بعضا بالغرق وبعضا بالريح وبعضا بالصيحة وبعضا بالبعوض وهكذا ، ولم يقل لنهلكنهم ليحضر فى اللفظ موجب الإِهلاك ، وهو الظلم بالإِشراك ، وظلم غيرهم { وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ } بعد إِهلاكهم ، وهى شاملة للديار والأَُصول ، والأَرض هى المذكورة التى قالوا فيها : لنخرجنكم ، وجملة القسم وجوابه مفعول لأَوحينا لتضمنه معنى قلنا ، أَو يقدر القول ، والذى لا محل له أَبدا هو الجواب لا مع القسم ، وهذا الخطاب للرسل وأَتباعهم كقوله تعالى : { وأَورثنا القوم } [ الأعراف : 137 ] الاية ، قال صلى الله عليه وسلم : " من آذى جاره أَورثه الله داره " قال فى الكشاف : كان لى خال يظلمه عظيم القرية التى أَنا منها ويؤذينى فيه ، فمات ، فملكنى الله ضيعته ، فنظرت يوما إِلى أَبناءِ خالى يترددون فيها ، ويدخلون فى دورها ويأْمرون وينهون ، فذكرت لهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسجدنا شكرا لله تعالى { ذلِكَ } أَى ما ذكر من الإِهلاك والإِسكان ، أَو ذلك الإسكان { لِمَنْ خَافَ مَقَامِى وَخَافَ وَعِيدِ } نهلك له الظالمين ونسكنه كما فعلنا بمن ذكر قبل هذه الأُمة ، أَو المراد من ذكر على معنى التقابل أَى لأَنهم خافوا مقامنا ووعيدنا ومقامى ، فموقفى وهو الموقف الذى يقف فيه المكلف ، وأَضافه لنفسه لا لكونه يقف فيه - حاشاه - بل لأَنه ملكه خلقه ليحكم فيه للعبد أَو عليه ، أَو زمان قيامى على كل نفس بما كسبت للجزاءِ لا أَنسى ولا يفوتنى شىءٌ ، أَو خاف قيامى بذلك ، ويبعد أَن يكون من إِقحام الاسم أَى لمن خافنى ، فزاد لفظ مقام كقوله : ثم اسم السلام ، ودمشق الشام وبغداد العراق ، بزيادة الشام والعراق ، وإِلى حضرتكم وسلام على مجلسكم لأَن ذلك ضعيف مع احتمال بعض هذه الأَمثلة ، والوعيد ، الإِخبار بالشر على أَهله ، أَو بمعنى موعودى السىءِ على الكفر ، وكرر الخوف لمبالغتهم فى الخوف ، أَو لأَن الأَول خوف إِجلال ، والثانى خوف عقاب .