Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 20-21)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَمَا ذَلِكَ } المذكور من إِذهابهم والإِتيان بخلق جديد من جنس البشر أَو غيره { علَى اللهِ بِعَزِيزٍ } صعب أَو محال ؛ لأَن قدرته ذاتية لا تعجز عن شىءٍ ، فهو الذى يؤمن به ويعبد رجاءَ ثوابه ، وخوف عقابه ، يوم يبرزهم الله من قبورهم كما قال : { وَبَرَزُوا } من قبورهم { للهِ جَمِيعاً } يبرزون تحقيقاً ولا بد ، ولذلك كان اللفظ ماضيا ، وكأَنهم برزوا الآن للحساب أَو لله إِذ كانوا يخفون المعصية ويتوهمون أَنه لا يراهم عليها ولا يعلمها ، والمراد برزوا لخلق الله أَو لأَجل الله ، أَو برزوا صاروا فى الأَرض البراز وهى المتسعة التى لا حاجب فيها ، والله جل وعلا يبعث الأَجسام والأَعراض المتصلة كالبياض والحمرة والصفرة والسواد والطول والقصر والغلطة والرقة ، والمنفصلة كالحركة والسكون والصوت والضرب ، وما فى قدرة العبد وما ليس فى قدرته كحركة الأَنباض والأَنفاس والعلم والجهل ، كما قدر على إعادة الذات قدر على إِعادة العرض ، وقيل : لا تعاد الأعرض للزوم قيامها لو ردت بالأَعراض التى بعد البعث أَو معها وذلك محال ، وعبارة بعض أن المعاد بمعنى هو الإِعادة ، فيلزم قيام المعنى الذى هو الإِعادة بالمعنى الذى هو العرض ، وهو محال وهو الصحيح عندنا ، وقال جمهور قومنا : بالإِعادة للعرض ، واختلف هل يعاد الزمان ؟ قيل : يعاد تبعاً للأَجسام لقوله تعالى : { بدلناهم جلوداً غيرها } [ النساء : 56 ] لأَن المراد الغيرية بحسب الزمان ، وإِلا فالجلود هى الأَولى بأَعيانها لأَنها هى التى عصت قلنا لا يعاد الزمان ، وإِلآ دخل زمان فى زمان ، وتبعث الجلود الأَولى وتفنى فى جهنم ويبدل جلود أَخرى غير الدنيوية ، وليست الجلود معذبة بل الروح ، وحقيقة إدراك الروح ، وكيف يجتمع الزمان الماضى والحاضر والمستقبل الدنيوية فى وقت واحد ، وكيف تجتمع مع أَزمنة يوم القيامة ، وإِن أُجيب بأَن ذلك تدريج لا دفعة كما كانت فى الدنيا تدريجا بقى أَنها كيف تجتمع مع زمان الآخرة { فَقَالَ الضُّعفاءُ } هم المرءُوسون سموا لضعف رأْيهم وضعف عزهم ، وقد يكون رأْيهم غير ضعيف فيبقى ضعف عزهم ومالهم وبدنهم إِن ضعفا { لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا } هم الرؤُساءُ الذين استغووا الضعفاءَ ، وقد يكون الضعيف أَشد كفرا أَو مساوياً للرئِيس لكنه ضعيف من حيث لو رده الرئِيس إلى ما دون كفره أَو كفر آخر لتبعه { إِنَّا كُنَّا لَكُمْ } لا لرأْينا { تَبَعاً } فى عبادة غير الله وفى تكذيب الرسل والكتب ، أَو إِنكار الله - عز وجل - ، جمع تابع كخادم وخدم بفتح الخاءِ والدال ، وغائِب وغيب ، أَو مصدر بمعنى اسم الفاعل أَى تابعين ، أَو ذوى تبع ، أَو نفس التبع مبالغة فى الاتباع { فَهَلْ أَنْتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللهِ مِنْ شَىءٍ } دافعون عنا شيئاً من عذاب الله ، أَو دافعون عنا دفعاً ، فشيئاً مفعول به ، أَو مفعول مطلق ، والدفع الإِزالة أَلبتة ، أَو المراد أَن تعذبوا مكاننا ، ومن الثانية صلة فى المفعول به ، أَى المفعول المطلق ، ومن عذاب الله تبعيض للعذاب حال من شىءٍ ، ولو جر لأَن جاره صلة ، ويجوز أَن تكون للبيان ، أَن دافعون شيئاً عنا هو عذاب الله - عز وجل - فيجوز أَن يكون المعنى مغنون عنا بعض شىءٍ هو عذاب الله ، أَو كلاهما تبعيض ، أَى بعض شىءٍ هو بعض عذاب الله فطلبوا دفع بعض البعض ، والوجه ما ذكرته أَولا { قَالُوا } أَى الذين استكبروا للضعفاءِ جواباً واعتذاراً { لوْ هَدَانَا اللهُ } للإِيمان هداية توفيق ، اَو تأْثير ولو مع شقوة { لَهَدَيْنَاكُمْ } هداية بيان إليه فيمكن أَن تؤْمنوا ، وأَن لا تؤْمنوا لكن خذلنا فاخترنا لكم ما اخترنا لأَنفسنا من الضلال المرتب على خذلاننا ، أَو ذلك جواب لقولهم : فهل أَنتم إِلخ فيكون المعنى لو هدانا الله إلى طريق نتخلص به من العذاب إِلى الجنة اليوم مع البقاءِ على الشرك ، أَو دونه لخلصناكم كما أَغويناكم قبل : أَو لو ردنا إِلى الدنيا لهديناكم فيها ، ثم إِن أَهل النار يصدر منهم الكذب فيها وفى الموقف ، والاستفهام توبيخ وتحسر ، كيف يطمعون أَن يدفعوا عنهم العذاب أَو بعضه ، وهم فى النار مقهورون ، وذلك الاستفهام جزع فآيسوهم من الدفع وأَعلموهم أَن الجزع لا ينفع ، وإِنا وإِياكم مخلدون ، كما قال : { سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ } موضع حيص أَى ميل إِليه للنجاة ، أَو ما لنا حيص إِلى ملجإِ ، ولا ملجأَ ، أَو لا زمان حيص ؛ لأَنا خالدون ، وقيل : ليس هذا من كلام المتكبرين بل من كلامهم وكلام الضعفاءِ فهو محكى بقول محذوف ، أَى قالوا جميعاً سواءٌ علينا أَجزعنا أَم صبرنا ، يقولون : تعالوا نصبر فقد كان الصبر فى الدنيا نافعاً فيصبرون خمسائة عام فلا ينفعهم فيقولون سواءٌ إِلخ ، وعدوا عدم ويلهم صبرا ، ويقال : يقولون تعالوا نجزع فيجزعون أَى يصيحون بالويل خمسمائة عام فلا ينفعهم ، ويقولون تعالوا نصبر فيصبرون على الويل والبكاءِ خمسائة عام فلا ينفعهم ، فيقولون سواءٌ إلخ ، أَو يبدأُون بالصبر وبعده الجزع ، وبها جاءَ الحديث ، والضمائِر لهم جميعا ، قدرنا القول أَو لم نقدر ، وإِذا لمن نقدر فقد غلب التكلم على الخطاب ، أَو يقدر سواءٌ علينا وعليكم أَجزعنا وجزعتم أَم صبرنا وصبرتم مالنا وما لكم من محيص ، ويعلم جزع الضعفاءِ من أَحوالهم وقولهم فهل إِلخ .