Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 3-3)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ذَرْهُمْ } اتركهم لا تأْمرهم ولا تنههم ولا تخبرهم بشىءٍ من الدين فإِنه لا يؤثر فيهم كلام ، وذلك إِقناط منهم ، وما عليك فقد أِبلغت ، ولا نسخ فى مثل هذا بآية القتال ، فإِنه مما يقال فيهم ولو أُذن بالقتال لا يستعمل له ماض إلا قليلا كما قيل عنه صلى الله عليه وسلم : " ذروا الحبشة ما وذرتكم فإِنه لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين " ، وهذا تهديد لهم على لسانه صلى الله عليه وسلم ، كما هددهم الله سبحانه برد الضمير إليه معهم فى قوله : { ذرنى ومن خلقت وحيدا } [ المدثر : 11 ] والمراد ذرهم وقل لهم كلوا وتمتعوا وليلهكم الأَمل فسوف تعلمون { يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا } قدم الأَكل لأَنه فى البهائِم أَشد ، وهم أَخس منها وأَمرهم بها هو غاية مطلوبهم وأَشد لذمهم أَمر تهديد { ويُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } فيكون تهديدا خوطبوا به إِذ قال لهم كلوا وتمتعوا وليلهكم الأَمل فسوف تعلمون ، فذكر الله أنهم وافقوا هذا الخطاب بقوله يأْكلوا إلخ ، يأْكلون من اللذائِذ الحلال والحرام ، ويتمتعون بالمحرمات من اللباس والزنى وغيره من الدنيا الحلال والحرام ، ومنها المراكب الجيدة والمساكن الحسنة ، ويلههم أَملهم الطويل عن التذكر والاستعداد للبعث الذى أَنكره منكرهم وشك فيه شاكهم ، وساعدهم على ذلك استقامة الدنيا لهم ، وقد طمعوا فى طول العمر مع ظنهم أَن أَموالهم هى التى أَخلدتهم أََى أَبقتهم أَحياءً ، وسوف يعلمون عاقبة ذلك ، وهو النار الدائِمة ، وما قبلها من عذاب الموت والقبر والبعث والمحشر والخزى والإِهانة ، وذلك لمشاهدتهم المدلول عليها بالعلم ، قال صلى الله عليه وسلم : " صلاح هذه الأُمة بالزهد واليقين ، ويهلك آخرها بالبخل والأَمل " وعن على : إِنما أَخشى عليكم اثنين : طول الأَمل واتباع الهوى ، فإِن طول الأَمل ينسى الآخرة واتباع الهوى يصد عن الحق .