Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 49-53)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ نَبِّىءْ عِبَادِى أَنِّى أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وأَنَّ عذابِى هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ } تقرير بإجمال لما تقدم تفصيلا من الوعد والوعيد كما تقول : لك ألفان وثلاثة آلاف ، فذلك خمسة آلاف ، إِلا أَنه قدم فى هذا الإِجمال ما أَخر من التفصيل ، وهو قوله : إِن المتقين إِلخ ، وأَخر ما قدم وهو إن جهنم إِلخ ، وليس فى ذكر المغفرة ما يدل على أن المراد بالتقين متقو الشرك فإن الكبائِر التى دون الشرك مهلكة إن لم تغفر ، والصغائِر أيضا تغفر باجتناب بالكبائِر ، والعقاب على الصغائِر مع اجتناب الكبائِر جائز عقلا لا وقوعا لأَن الله عز وجل أخبرنا بغفرانها لو شاءَ لعذب عليها لكن لم يشأْ ، وفى الآية توكيد الرحمة والمغفرة وتوسيعهما لأَنه أَخبر بهما عن نفسه وزاد ، أَنا وأَخبر عن عذابه بأَنه مؤلم لا عن نفسه بأَنه معذب العذاب الأليم قال الله تعالى : رحمتى سبقت غضبى - وذكر مثل ذلك الوعد والوعيد فى قوله : { وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ } فإن إبراهيم وأهله ولوطا ومن آمن به متقون ، وقوم لوط مجرمون ، والمراد بالعباد فى الآية قبل وبضميره فى الآية هذه مطلق العباد ، ويجوز أَن يراد بهما عباده المخلصون ، فالإضافة للتشريف ، وقدم الرحمة تأكيدا وإطماعا وسبقها غضبه ، وأكدها بوصفى المبالغة ، قال أَبو هريرة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إِن الله خلق الرحمة يوم خلقها مائة رحمة فأَمسك عنده تسعاً وتسعين وأرسل فى خلقه رحمة واحدة حتى أنه لترفع الدابة بها رجلها عن ولدها ، وبها يتراحم الناس ، ولو علم الكافر بكل ما عند الله من الرحمة لم ييأْس من الجنة ، ولو علم المؤمن بكل الذى عند الله من العذاب لم يأْمن من النار " ، أَى لتغلب عليه الخوف ، قال عبادة بن الصامت : لو يعلم العبد قدر عفو الله ما تورع عن حرام ، ولو علم قدر عذاب الله لبخع نفسه أى قتلها ، وروى أنه صلى الله عليه وسلم مر بنفر من أصحابه وهم يضحكون فقال : " أَتضحكون وبين أَيديكم النار " ، ولما وصل الحجر رجع إِليهم فقال : " إِن الله تعالى أَوحى إِلى لم تقنط عبادى " ونزل : نَبِّىءْ عبادى أَنى أَنا الغفور الرحيم ، وأن عذابى هو العذاب الأَليم ، وذكر قصص الأَنبياءِ وأَممهم ترغيباً وترهيباً ، وضيف إِبراهيم لإِهلاك قوم لوط وتبشير إبراهيم فناسب ذكر الرحمة والعذاب فى الآية قبل ، وكذلك ناسب التفصيل السابق ، وضيف إبراهيم اثنا عشر ملكاً أَو عشرة أَو ثلاثة ، على صفة غلمان حسان ، أَقوال ، منهم جبريل ، وأَصل الضيف مصدر يصلح للقليل والكثير ، ولذلك قال : { إذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ } بواو الجماعة ، وإذ بدل اشتمال من ضيف كأَنه قيل عن وقت دخولهم ، وإن كانت عن لا تدخل على إِذ بناءً على أَنه لا يلزم صلوح عمل عامل المبدل منه فى المبدل ، أَو مفعول لمحذوف مبدل من نبىءْ أَى اذكر إِذْا ومتعلق بضيف بمعنى إضافة أو ضيافة ، ولا يتعلق بلفظ خبر مقدر أًى عن خبر ضيف ؛ لأن الإخبار لم يقع فى زمان إبراهيم ، ويجوز تقدير عن قصة ضيف إبراهيم الواقعة إذ دخلوا عليه { فَقَالُوا سَلاَماً } أى ذكروا لفظ سلام بأَن ذكروه بالنصب فى كلامهم على معنى سلمنا سلاماً أَو نسلم سلاماً ، أَو بالرفع فى كلامهم مع عليكم فى كلامهم ، أو مع حذفه ، وسلمنا أو نسلم المقدر للإِنشاءِ لا للأِخبار والمضارع للحال هنا ، لا للاستمرار كما قيل ، كما تقول : بعث قاصداً لعقد البيع فى الحال ، وتقول : أَبيع قاصداً لعقده كذلك ، ولم يذكر رد السلام هنا ولا بقية القصة لتقدم ذكرهما فى سورة هود { قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ } خائفون ؛ لأَنهم دخلوا بلا إذن وفى غير وقت الدخول كما بعد العتمة أو فى وسط الليل أو السحر ، ولامتناعهم من الأكل من العجل الحنيذ ، وهذا القول بلسان حال لان فى الآية الأَخرى : { فأَوجس منهم خيفة } [ الذاريات : 28 ] إِلا أَن يقال : قال بلسانه بعد الإيجاس { قَالُوا لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرْكَ بِغُلاَمٍ عَليمٍ } ولا يخاف أَحد ممن جاءَ للتبشير ، لا توجل منا لأَنا ملائِكةٌ أَرسلنا ربك لنبشرك بغلام كثير العلم إذا بلغ ، أَو إذا أُوحى إليه وهو إسحاق وفسر عليم بنبى .