Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 89-91)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَقُلْ إِنِّى أَنَا النَّذِيرُ } بعذاب الله تثبيتاً للمؤمنين وزجراً للكفرة بأَنه ينزل إِن لم يؤمنوا وفى المؤْمنين أَيضاً ما ينذر عنه { الْمُبِينُ } الظاهر الإنذار ، أو مبين لطرق النجاة وطريق الهلاك ، وفى ضمن ذلك تبشير بالجنة للمؤمنين ووصفه بالمبين لأَن إنذاره أبين من إنذار غيره من الأنبياء لأَنه بلسان القال ولسان الحال لأَنه من أشراط الساعة ، ولعله لهذا أنزلنا العذاب على المقتسمين ، ويكفى هذا ، وأوضح منه أن يقدر أنا النذير المبين بإنزال العذاب كما أنزلناه على المقتسمين اليهود والنصارى المقتسمين للكتب إذ آمنوا ببعض وكفروا ببعض ، وأنزلنا بمعنى ننزل لأَن عذاب النضير وقريظة إِنما وقع بعد الهجرة باخراجهم ، السورة مكية فالمعنى لتحقق الوقوع بعد ، وكذا إن فسرنا المقتسمين بقريش الذين قسموا طرق مكة باثنتيى عشر رجلا أو ستة عشر أَو أَربعين فى مواسم الحج والأَسواق ، وجعلوا فى كل طريق من يصد الناس عنه صلى الله عليه وسلم بكلام يقوله كساحر ومجنون وكاهن وشاعر وأساطير الأولين وتعليم بشر ونحو ذلك إنما هو بعد الهجرة ، وقتلوا يوم بدر ، وقيل : ماتوا بالحرب ، قيل : ومنهم الوليد بن المغيرة ، والمشهور أنه مات بخدشة السهم المسموم ، فالإنذار بعذاب يشبه عذاباً سيقع ، او الاقتسام افتعال من القسم وهو الحلف ، فهم الرهط التسعة الذين تقاسموا أن يقتلوا صالحاً ليلا فرجموا بالحجارة ، وهذا لا يناسبه قوله تعالى : { الَّذِين جَعلُوا الْقُرآنَ عِضِينَ } إلا إن جعلنا القرآن ما على عهد صالح من كتب الله ، أَو قلنا لما خالفوا ما فيه صاروا كأَنهم جعلوه عضين ولو كان يجىء بعدهم ، أَو تجعل الذين مبتدأٌ خبره : فوربك إلخ ، ويجوز أن يعود التشبيه إلى آتيناك سبعاً لأَن الإِيتاءَ إنزال كأَنه قيل : ولقد أنزلنا إليك سبعاً من المثانى كما أنزلنا على المقتسمين إلخ ، إلا إنه لا يتبادر تشبيه إنزال الآيات أو السور مثلا بإنزال العذاب إلا على التهكم بهم ، أَو على الامتنان عليه صلى الله عليه وسلم بأَنا عوضنا أعداءَك العذاب فى مقابلة إنزال السبع عليك ، وعضين جمع عضو أى أجزاء حذفت لامه فجمع جمع المذكر السالم ، ولو كان غير عاقل ، إلا أنه لم يعوض التاءَ ، ثم اطلعت أَنه ورد فى كلام عضة بمعنى عضه فيكون قد عوض كسنة ، وذلك أَن أَهل مكة جعلوا القرآن أَجزاء ، بعض يقول سحر وبعض يقول كهانة وبعض يقول شعر ، وهكذا ، أَو أَهل الكتاب جعلوه قسمين ؛ بعضه حق موافق للتوراة والإِنجيل ، وبعضه باطل مخالف لهما ، أَو قال بعض منهم استهزاء ، سورة كذا من كتاب محمد لى ، وقال آخر سورة كذا لى ، وهكذا ، أو قالوا هذه لك وهذه لى ، أَو كفر أهل الكتاب ببعض كتبهم وآمن ببعض ، أَو قول النصارى فى التوراة واليهود فى الإنجيل ، وقد أمر النصارى بالإيمان بالتوراة واليهود بالإيمان بالإنجيل ، وعلى هذا فالقرآن التوراة والإنجيل فيكون تسلية له صلى الله عليه وسلم بأنهم كفروا بكتبهم كما كفر قومك بكتابهم ، وهذا إذا فسرنا الاقتسام إلى إقرار ما وافق هواهم وتبديل ما لم يوافقه أو إخفائه كما قال الله جل وعلا : تجعلونه قراطيس إلخ ، أَو المفرد عضه بالهاء حذفت وعوضت التاء فجمع بمعنى أسحار أو كذب أَو بهتان .