Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 115-116)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ } رفع الصوت به عند الذكاة لغير الله وحده ، أو لغير الله مع الله ، والحصر إضافى معتبر فيه البحيرة ، وما معها كأنه قيل : إنما حرم عليكم الميتة إلخ لا البحيرة إلخ فلا يشكل باقى المحرمات ، ويمكن دخول ما بقى فى المائدة فى الميتة هنا . وعن خالد بن الوليد : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الحُمُر والبغال والخيل . وعن جابر بن عبد الله : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الحُمُر الأهلية ، وأذن فى لحم الخيل ، فيقال : منع من الحُمُر للإنجاس ، فلو صينت لحلت ، ونهى عن لحم الخيل لتبقى للقتال ، وهو فى نفسه حلال ، ونهى صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذى مخلب من الطيور ، وكل ذى ناب من السباع ، وقيل : الحصر حقيقى ، وما فى المائدة داخل هنا كما رأيت ، فيحل القرد والفيل ، والحمر ، والبغال ، والخيل ، وسباع الطير ، والوحش وما ورد فيها النهى ، فتنزيه لا تحريم ، أو وجه كما رأيت . { فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ } إِلى أكل من بعض تلك المحرمات . وكذا غيرها من سائر المحرمات . { فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ } له فى أكله { رَحِيمٌ } عليه بها ، وأفهمت الآية أنه إن اضطر هو باغيًا على مضطر آخر ينزع عنه ما وجد من ذلك . أو باغيًا بقطع طريق ، أو خروج عن والٍ محق ، أو اضطر متعديًا إِلى أكثر من سد الرمق يأكل أكثر ، أو استصحاب منها ونحو ذلك من سفر المعصية لم يبح له الأكل ، وإن تاب الباغى أو العادى حل له سد الرمق من ذلك ، والله يقول بالآية السابقة : إن المحرم ما حرمه الله جل وعلا ، لا ما تصفه ألسنتكم بالحرمة من عند أنفسكم فانتهوا عن التشرع بما لم يأذن به الله عز وجل كما قال : { وَلاَ تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتِكُمُ } لا تقولوا فى شأن وصف ألسنتكم { الْكَذِبَ } مفعول لتصف كأن كلامهم أصل فى الكذب مبين لمطلقه كما تقول وجهها يصف الحسن ، وعينها يصف السحر ، وليس حقيقة الكذب وراء ذلك ، ولا يجوز أن يكون بدل اشتمال من هاء تصفه إن قدرت إلا على ضعف ، فالأولى خلافه ، وما مصدرية ، وإن جعلناها اسما فالمفعول محذوف أى فيما تصفه ، والكذب مفعول لتقولوا بمعنى تذكروا ، وأيضًا الكذب مراد به الجملة ، فصح نصبه بالقول بلا تأويل بالذكر ، ألا ترى أنه أبدله منه الجملة وهى قوله : { هَذَا } كالميتة والدم { حَلاَلٌ وَهَذَا } كالبحيرة { حَرَامٌ } أو هو مفعول لتصف ألسنتكم ، وهذا حلال إلخ مفعول لتقولوا ، والجملة المحكية بالقول مطلقًا مفعول به ، أو مفعول مطلق ، فإن معنى قلت : قام زيد قلت قولا هو قولك : قام زيد ، ووجه المفعول أن المعنى أحدثت قولك : قام زيد أو يقدر تقولوا هذا حلال وهذا حرام ، وهذا القول المقدر بيان للقول المذكور . { لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ } إِنه حلل كذا أو حرّم كذا ، واللام للعاقبة بمعنى أن مرجع قولهم إلى اتضاح أنه افتراء ، وببعد قصد التعليل ، لأن المعنى عليه فقوله هذا حلال ، وهذا حرام ، لأجل أن نكون كاذبين على الله عز وجل ، ولا فائدة لهم فى قصد هذا ، ولا يسوغه قولهم : الله أمرنا بها إلا على قصد ما ينجر إليه قولهم : إنا نفترى على الله فيؤخذ قولنا ، والكذب مفعول مطلق لتفتروا ، أو مفعول به لتفتروا ، ولا يتكرر قوله : لتفتروا مع قوله : لما تصف ، لأنه ليس فى قوله : { لما تصف ألسنتكم الكذب } بمعنى أن كذب على الله ، وأَيضًا لام العاقبة ليست بمعنى فى مجاز تعليقهما معاً فتقولوا : { إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ } فى الدنيا ولا فى الآخرة .