Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 15-15)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وأَلْقَى } وضع ببعض شدة من جهة السماءِ ، وفسر بخلق من الأَرض والأَول أَصح { فِى الأَرْضِ رَوَاسِىَ } جبالا رواسى أَى ثوابت { أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ } على حذف مضاف كراهة أَن تميد بكم بلا النافية أَى لئلا تميد بكم ، والميد الميل من جانب لجانب بتكرر والباء للتعدية ، خلق الله الأَرض على الماءِ فجعلت تمور ، وذلك بخلق الله تعالى فيها ، وذات الشىءِ لا تقتضى الحركة ، وإِنما هى بإِرادة الله تعالى فقال الملائِكة : لا يستقر عليها أَحد ، فأَصبحت وقد أُرسيت بالجبال على جريان عادته تعالى فى جعل الأَشياءِ منوطة بالأَسباب وإِذا شاءَ لم يعلقها بالأَسباب ، وفى ذلك رد على من زعم من الكفار أَنها تميل على استقامة إِلى المشرق فيكون الليل ، وإِلى المغرب فيكون النهار ، والشمس والقمر لا جريان لهما وذلك إِنكار لجريانهما المذكور فى القرآن وإِنكار لتحرك جوانبهما فأَرست عليها الجبال فسكنت وزعموا أَن فى الإقليم الأَول عشرين جبلا ، وفى الثانى سبعة وعشرين وفى الثالث ثلاثة وثلاثين ، وفى الرابع خمسة وخمسين ، وفى الخامس ثلاثين وفى كل من السادس والسابع أَحد عشر ، وذلك مائة وسبع وثمانون والله اَعلم ، ولعله لا يصح ذلك ، قال علماء : الهيئة : ثلاثة أَرباع كورة الأَرض غائصة فى البحر المحيط ، وفى الربع المسكون سبعة أَبحر سخرها الله عز وجل للناس ، وكانت تميل من جانت لجانب فأَلقى الله عليها الجبال فثبتت كسفينة تتحرك ، وجعل فيها الأَثقال فثبتت وكانت لها كالأَوتاد قال الله عز وجل : { والجبال أَوتادا } [ النبأ : 7 ] وأَن الأَرض كرة وأَن أَعظم جبل فى الأَرض ارتفاعا فرسخان وثلث فرسخ نسبته إلى جميع الأَرض نسبة خمس سبع شعيرة إِلى كرة قطرها ذراع ، وهذا القدر من الشعير لا يخرج الكرة المذكورة عن صحة الاستدارة بحيث يمنعها عن سلاسة الحركة ، فكذلك ينبغى أَن يكون حال الجبال بالنسبة إلى كرة الأرض ومن حلف لا يجلس على الأرض وأَراد مقابل الفراش حنث بالجلوس على الجبل ، وإِن أَهمل الإِرادة لم يحنث به فى عرفنا أَنه يقال : سكن فى الأَرض أَو سكن فى الجبل ، وإذا كان الكلام فيما يقابل السماءَ حنث بالجبل ، وهكذا يبحث ، أَلا ترى أَنها من غير الأرض جعلت فى الأرض ، وأَلا ترى الأَرض تقابل بالبحر مع أَنه فيها { وَأَنْهَاراً } عطفه على رواسى على تأْويل ، أَلقى بخلق ، أَى خلق رواسى ، وأَما على نصبه بأَلقى بمعنى وضع بشدة فلا يعطف عليه إِذ لا معنى لوضع الأَنهار والسبل والعلامات بشدة فيقدر لهن خلق أو وضع بلا قيد شده أَو شق كقوله : علفتها تبنا وماءً باردا ، إِلا أَن فسر أَلقى بمطلق الوضع بلا شدة أَو ضمن أَلقى معنى جعل ، والمراد بالأَنهار ما يشمل الصغار والكبار ، وجعل بعض منها ، النيل وسيحون وجيحون والفرات وفيه نظر إِن أريد بالنهر ما ينبع لأَنهن أَودية جارية من الجنة إِلا أَن اعتبر منبعهن ، أَو اعتبر ما يزاد إليهن من عيون الجبال فإِن فيهن ماءَ عيون وأَمطار ، وذكر الأنهار عقب الجبال لأن معظم العيون وأَصولها من الجبال ، وأَخر الأَنهار لأَن غالبها من الجبال { وَسُبُلاً } طرقا إِلى ما تحبون الذهاب إليه { لَعلَّكُمْ تَهُتَدُونَ } إلى ما تحبون الذهاب إليه أَو إِلى ما تطلبون فى الجهات ، أَو إِلى معرفة الله عز وجل .