Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 62-64)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَيَجْعَلُونَ للهِ مَا يَكْرَهُونَ } لأَنفسهم وهو البنات والشركة فى الرئاسة ، أثبتوه لأصنامهم مع الله ، وهو يكرهون أن يشاركهم فيها أحد ، وإِهانة الرسل وهم يكرهون إهانة رسلهم ، وإعطاء أراذل المال لله ، وهم يكرهونه لأنفسهم ولأَصنامهم ، وكانوا إِذا رأوا ما جعلوه لله سبحانه أزكى بدلوه لآلهتهم ، وكما عاب عليهم الكذب بقوله : { وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ } فهم جمعوا بين الجعل والكذب { أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى } فى تأويل المصدر بدل من الكذب مطابق أو يقدر الباء أو خبر لمحذوف أى هو لهم والأول أولى ، والمراد بالحسنى الجنة على سبيل فرض البعث والتقدير كقوله : { ولئن رُدِدْتُ إِلى ربي لأجدن خيراً منها منقلبًا } [ الكهف : 36 ] { ولئن رجعت إلى ربي إنَّ لي عنده للحسنى } [ فصلت : 50 ] بعض ينكر البعث ، وبعض يجيزه ويشك فيه ، وبعض يقرون به ، حتى إن أحدهم ليربط البعير النفيس على قبر الميت ويتركه إِلى أن يموت ، ويقول : يحشر عليه صاحب القبر ، فهؤلاء أقروا بعث الناس والحيوانات ، ويدعون الاشتراك مع المؤمنين فى نعيم الآخرة ، كما اشتركوا فى نعيم الدنيا . قال الله عز وجل : { أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون } [ الجاثية : 21 ] ومنهم من يقول النار للمؤمنين ، والجنة للمشركين لكثرة أموالهم ونعمهم ، فتكون الآخرة كذلك ، وتحتمله الآية فجعل تقديم الظرف لنحصى فكذبهم الله عز وجل بقوله : { لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ } لا للمؤمنين ، وتقدم معنى لا جرم ، ومنه أن لا نفى لما قبل ، أى لا حسنى لهم ، أو لا يصح ما قالوا ، وجرم بمعنى حق ، وأن لهم الخ فاعله ، والجواب بأن لهم النار يقوى تفسير الحسنى بالجنة ، وقد يقال : الحسنى العاقبة الحسنى . { وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُون } مجاوزون الحد فى المعاصى ، ووصف ألسنتهم للكذبة مبالغة فى وصف كلامهم بالكذب ، كأن حقيقة الكذب كانت مجهولة ، وألسنتهم تصفها وتعرفها ، وسلّى الله سبحانه وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بقوله : { تَاللهِ لقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ } فأصروا على قبحها وكفروا بالمرسلين ، وكذبوا وأهلكوا دنيا وأخرى ، ونجا المرسلون ومن تبعهم من سخط الله فى الدنيا ، وفازوا فى الآخرة ، كذلك أنت يا محمد ومن آمن مع أمتك الذين لم يؤمنوا . { فَهُوَ وَلِيُّهُمْ } ولى لأمم { الْيَوْمَ } هو الدنيا أو هو حين التزيين حكاية للحال الماضية ، كأنها حاضرة ، أو هو يوم القيامة كأنه حاضر لتحقق الوقوع بعد ، ويجوز عود الهاء لكفار قريش الشيطان يليهم بالغرور فى الدنيا حين التزيين ، أو الضمير للأمم على تقدير مضاف ، أى ولى أمثالهم ، والأمثال قريش أو لقريش ، والأمثال الأمم ، والولى المقترن بهم فى الدنيا بالإغواء ، والغرور فى الآخرة بالاجتماع فى النار ، وشدة ضيق النفس بالاجتماع بهم ، والقرن فى حديد واحد ، ونحو ذلك ، { وإذا النفوس زُوِّجت } [ التكوير : 7 ] ، { يا ليت بينى وبينك بعُد المشرقين } [ الزخرف : 38 ] أو الولى فى الآخرة الناصر على التهكم بهم ، أولا ولى لهم يتوهمونه يوم القيامة ، إلا هو وهو لا يصرف عن نفسه ، فكيف بهم . { وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } يوم القيامة . { وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ } يا محمد . { الْكِتَابَ } القرآن . { إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ } للناس الذين فى زمانك ، ودخل بالأولى قومه ، أو المراد قومه ، وقدم التبيين على الهدى والرجعة لتقدمه فى الوجود ، وهذه الآية تقوى أن الناس قبل هذه الآية المشركون من قومه ، المعهودين لكن لا مانع من أن يرادوا هنا ، لو عم هنالك فيرجع الضمير إليهم لقرينة التبيين ، بإنه إنما يبين لمن فى زمانه ، فيتصل البيان لمن بعده بالنقل عنه صلى الله عليه وسلم إلا لمن قبله . { الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ } أى خالفوك فيه من الافتعال الذى بمعنى المفاعلة ، أو اختلفوا فيه معك ، وذلك هو التوحيد والقدر والقضاء والبعث ، وأحوال القيامة والفرائض والمحرمات وسائر الأحكام . { وَهُدًى وَرَحْمَةً } نصب على التعليل والعطف على محل تبين لاتحادهما مع الإنزال زماناً وفاعلا ، ولما كان التبيين له صلى الله عليه وسلم لا لفاعل الإنزال جُرَّ باللام ، ووجهه مجرور الحرف مفعول به ، وصل إِليه بالحرف فحمل مجرور هذه اللام النصب على التعليل ، والأولى نصبهما بأنزلناه مقدراً ، ولا يجوز فى الفصيح مررت بزيد وعمرواً بنصب عمرو . { لِقوْمٍ يُؤْمِنُونَ } به ، خصهم بالذكر ، لأنهم المنتفعون والمعتبرون ، وكذا : { لقوم يسمعون } [ النحل : 65 ] ونحو ذلك فى محاله .