Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 50-51)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا أَوْ خَلْقًا } مخلوقاً { مِمَّا يَكْبُرُ فِى صُدُورِكُمْ } مما يعظم فى قلوبكم أن يكون قابلا للحياة ، ويستبعدون جداً قبول الحياة فيه ، ولا يُعلم أن جسما ما من الأجسام أبعد عن الحياة من الحديد ودونه الحجر ، لأنه ينمو بالمشاهدة فيما يقطع ، كحجارة الجبس ، ولو قطعت مدن كثيرة من موضع واحد من جبل ، لم يتبين فيه النقص الكثير مما هو مشاهد ولعل الإعراض أبعد فى قلوبهم فى قبول الحياة من الأجسام أو الذكر ، لأنه يقطع الحديد إلا أنه يقبل الكسر أكثر من الحديد . أو نقول : المراد ما تستكبره عقولكم ، ولو كان أدنى فى البُعد من الحجارة والحديد ، لأن المقام لإبكاتهم فى كل ما أرادوا من ذلك ، وقدرته صالحة لكل ممكن ، ولا سيما إحياء ما قد كان قبل حيا ، فإنه عندكم أسهل مما لم تسبق حياته وعند الله سواه حتى إنه يكفّر مَنْ قال إنها أسهل مما لم تسبق فيه . وعن مجاهد : الذى يكبر السماوات والأرض والجبال ، وعن ابن عباس وابن عمرو والحسن وسعيد بن جبير : الأكبر الموت بمعنى لو كنتم نفس الموت لأحياكم مع أن الموت بضاد الحياة ، والأمر للإهانة والتحقير ، كقول موسى عليه السلام : { ألقوا ما أنتم ملقون } [ يونس : 80 ، الشعراء : 43 ] فلا يقتضى الوقوع جزما ، لأنه معنى مجازى له لا يقتضى الحصول أو الأمر للتسخير على الفرض والتقدير ، لأنه يكون حجارة أو حديداً ، لأن التسخير يحصل فيه الفعل ، كالكون قدرة كما قال التفتازانى ، وكان بلفظ الكون ، إذ لم يقل : صيروا ، ولم يقل : قعوا ، لمشاكلة قولهم : كنا ، وقدم الحجارة على سبيل الترقى لأنها دون الحديد فى الصلابة ، ولأنها تنمو كما مر ، وهو جمع حجر كجمالة جمع جمل ، جمعه لأنه خبر كونوا ، واسمه ضمير جمع ، وأفرد حديداً لمجانسة حديداً أو للتخيير أو للتسوية . { فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا } أحياء رطبا بعد أن كنا موتى يبسا . والفاء للسببية ، والتفريع على قوله : { قل كونوا … } إلخ ، الاستفهام للإِنكار ، وأنكروا أولا البعث ، وأنكروا هنا الباعث أى لا أحد يعيدنا . { قُل الَّذِى فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } من تراب لأبيكم ، أو من نطف أى قل الذى يعيدكم ، الذى فطركم أول مرة ، وهذا أوفق للسؤال ، أو الذى فطركم يعيدكم ، أو يعيدكم الذى فطركم . { فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ } يحركونها نحوك استبعاداً وتعجبا ، إنكارا واستهزاء ، أو قيل إنغاض الرءوس تحريكا باضطراب ، وقال الفراء : تحريكها بارتفاع وانخفاض ، وذلك استعارة تمثيلية ، والماضى أنغض بهمزة التعدية والثلاثى لازم تقول ننغض رأسه أى تحرك . { وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ } أى البعث أو إعادُنا مصدر أعاد كقوله تعالى : " وإِقام الصلاة " مضافاً لضمير المتكلم ، ولإضافة قدر مذكراً ، أو يجوز رد الضمير إلى الإعادة بالتاء ، لأن الضمير العائد إلى ما ينسبك من الفعل ، وحرف المصدر يذكر كما لا يؤنث له الفعل إذا لم يكن مميزاً ، تقول : أعجبنى أن تقيم أى إقامتك ، ولا تقول أعجبتنى بالتاء ، وقيل : الضمير للعود وهو ضعيف ، والمعنى صحيح ، كأنه عجز قائله عما ذكرت . { قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا } الكون تام اسم عسى ، وقريباً خبر عسى ، أو اسم عسى مستتر ، وقريباً خبر يكون ، وأن يكون إلخ خبر عسى ، ونصب قريباً على الخبرية ، أو على الخبرية الظرفية أى فى زمان قريب ، ويجوز أن يكون مفعولا مطلقا أى أن يكون كونا قربها والكون تام ، ومعنى القرب أنه متحقق الوقوع ، فهو كالقريب ، بل كالواقع ولو بعُد أو أن الدنيا كلها قريبة لأنتهاء ، أو ما مضى هو الأكثر ، وما بقى قليل بالنسبة .