Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 55-55)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِى السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ } هو أعلم من أنفسهم بهم ، وبأحوالهم فيختار لنبوءته وولايته من يصلى ، ولو كان يتيماً فقيراً ، ولصحابته مَن يصلح لها ، ولو حفاة عراة كما قال عز وجل : { الله أعلم حيث يجعل رسالته } [ الأنعام : 124 ] وكانوا يقولون : هو يتيم أبى طالب وأصحابه حفاة عراة جُوع { لولا نُزِّل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم } [ الزخرف : 31 ] وذلك كلام منهم منكر ، وأفتى بعض المالكية بقتل قائلها ، قال فى الشفاء : من قال يتيم أبى طالب قتل . { وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ } كإبراهيم بالخلة ، وموسى بالكلام ، ومحمد صلى الله عليه وسلم بالإسراء ، وداود بالزبور . { عَلَى بَعْضٍ } بالفضائل النفسانية ، والعلوم الدينية لا بالمال وسعة لذلك ، وكثرة الأصحاب وقوتهم ، وعدم اليتم كما فضلنا محمداً صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأمته على سائر الأنبياء والأمم ، كما قال عز وجل : { ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادىَ الصالحون } [ الأنبياء : 105 ] وهم الأنبياء صلى الله عليه وعليهم وسلم وأمته ولذلك قال : ولقول اليهود لا نبى ولا كتاب بعد موسى والتوراة . { وآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا } فيه ذكر محمد صلى الله عليه وسلم وأُمته بأمر الدين كما أن فضل داود بالزبور ، لا بما أوتى من الملك ، وحُسن الصوت ، وكثرة الأتباع ، ولو كان بالمال وسعة الملك لكان سليمان أحق بالتفضيل ، ولم يشهر أن داود ممن وصف بعظم حسن الصورة ، والأمة خير الأمم ، لكون نبيها خير الأنبياء ، وكونها خير الأمم بنص القرآن وقد قيل بعض النبيين فى الآية هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم . وزبوراً بمعنى مزبور أى مكتوب ، أو عظيم الزبر كصبور ، ويضعف أنه مصدر فىالأصل للتأكيد ، كأنه نفس الزجر أو الكتابة ، كالقبول بالفتح ، لأن مفعولا الذى هو مصدر محصور فى ألفاظ قليلة ، لم يذكروا فيها زبوراً ، واسم كتاب داود زبور بدون أل ، وإذا دخلت عليه أل كقوله تعالى : { ولقد كتبنا فى الزبور } [ الأنبياء : 105 ] فللمح الأصل ، وإن قلنا اسمه الزبور بأل فزبور بدونها تلويح لأصله الذى هو نكرة ، فجاء بصيغة التنكير للتعظيم ، أو لأن المعنى قطعة منه ، ذكر فيها فضل محمد صلى الله عليه وسلم وأمته على غيرهم ، أو المعنى كتاب من الكتب ، فزبور نكرة لا علم ذكر فيه محمد أو أصحابه ، قيل : هو مائة وخمسون سورة أطولها قدر ربع القرآن ، وأقصرها قدر سورة : { إِذا جاء نصر الله } [ النصر : 1 ] وهذا غير معهود بين الناس والمشهور خلافه ، والله أعلم . ولعل أهل الكتاب اختصروه ، وليس فيه حلال ولا حرام ، ولا فرض ولا حكم ، ولا حد ، بل مواعظ ودعاء لله ، وتحميد وتسبيح ، و فى جملة ما فيه : أنا الله لا إِله إِلا أنا مالك الملوك ، قلوبهم بيدى ، فمن أطاعنى جعلتهم له رحمة ، ومن عصانى جعلتهم عليه نقمة ، فلا تشتغلوا بسببهم ، فتوبوا إِلىَّ لا إِليهم ، أعطف قلوبهم عليكم .