Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 79-79)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَمِنَ اللَّيْلِ } أى فى الليل كله أو بعضه ، كما قيل من للتبعيض متعلق بقوله : { فَتَهَجَّدْ } على أن الفاء صلة ، أو فى جواب أما مقابلة لقوله : { لدلوك الشمس } [ الإسراء : 78 ] وصلاة الفجر ، أو بمحذوف نعت لمحذوف ، أى وزماناً ثابتاً من الليل ، وهذا الزمان متعلق بتهجد ، وقد قال بعض : إن من التبعيضية اسم ، والصحيح أن من التى للتبعيض لا تكون اسمًا فلا يرد على من يقبل اسميتها ، يقول مَن يقول ، إِذ لا يرد قول مجتهد بقول آخر ، فلا إغراء اصطلاحياً فى ذلك ، فإنه بالاسم أو بنحو عليك . والتهجد إزالة الهجود وهو النوم ، كالتأثم لمجانبة الإثم ، والتحرج لإزالة الحرج . أزِلْ النوم ، فالتفعل هنا للسلب وأجيز أن يكون للتكليف ، وهو أكثر فى التفعل ، فيكون المعنى تكلف الهجود أى اليقظة ، إِلا أن الهجود بمعنى اليقظة غير مسلم إِلا بمعنى إِزالة النوم ، فيرجع للسلب . { بِهِ } أى بالقرآن ، وهو غير قرآن الفجر على طريق الاستخدام ، فإن القراءة فى صلاة الفجر غير القراءة فى الليل ، ولو اتحد المقروء أو الباء بمعنى فى ، والهاء لليل ، أو الفاء عاطفة على محذوف ، أى قم من الليل ، أو اسهر فيه متهجداً ، ومعنى تهجد على هذا اعبد الله ، أوصل وهو مجاز على هذا لغوى . وقيل الهجود حقيقة فى النوم إلا إن أريد بالاشتراك أنه يقع بمعنى النوم لغة ، والصلاة شرعاً . { نَافِلَةً لَكَ } أى فريضة زائدة لك دون أمتك ، فإنها لم تفرض عليهم ، أو فضيلة على الصلوات المفروضة واجبة على نسخ وجوبها عليه ، وقيل : أمره بقيام الليل ندب ، وقيل : وجوب لم ينسخ ، وأفعاله لزيادة الثواب ، وأفعال أمته لتكفير الذنوب ، وقيل : وجب عليها ثم نسخ بالصلوات الخمس ، وبقى عليه صلى الله عليه وسلم ، والنافلة على كل حال الزيادة مصدر على وزن فاعل ، كالعاقبة والعافية ، وهومفعول مطلق أى تنفل به نافلة ، ولك نعت نافلة ، قيل : أو مفعول التهجد بمعنى صل أى فصل به نافلة . { عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا } اتفق المفسرون أن عسى من الله قطع ، لأنه وقع للإطماع ، والترك مع الإطماع عيب ، تعالى الله عن العيب . قال أبو هريرة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " المقام المحمود هو المقام الذى أشفع فيه لأمتى " رواه أحمد والترمذى والبيهقى والطبرى ، ويروى يشفع فيه لأهل المحشر كلهم ، فيذهبون عنه إلى منازلهم فى الجنة والنار ، وعلى كل حال هو مقام يحمده فيه الأولون والآخرون لاختصاصه يوم الشدة بما ليس لغيره . وجاء فى الحديث : " إِن الشمس تدنو فيبلغ العَرَق نصف الأذن فيستغيثون بآدم للشفاعة فيذكر أكله من الشجرة فيردّهم إلى نوح ، فيذكر دعاه على قومه وهكذا حتى يردّهم إِبراهيم لقوله : هذا ربى ، وهذا أكبر ، وإِنى سقيم ، وإنها أختى ويردّهم موسى لقتل القبطى ، وعيسى لعبادة قومه له ، فيقول سيدنا محمد : أنا لها أنا لها فيشفع ويسجد عند العرش أو تحته ، أو عند باب الجنة أربع سجدات كسجدات الصلاة ، فيقال له : سل تُعط واشفع تُشفّع وقل يسمع ، فذلك المقام المحمود ، وأَنه يرفع رأسه من السجود ويقول : يا رب أمتى ، فيقال : أدخل مَن لا حساب عليهم منها من الباب الأيمن ، وهم شركاء غيرهم فى سائر الأبواب " . وروى قومنا : من أَقوال المقام المحمود أنه يجلس الله معه فى الكرسى ، وهو حديث مكذوب ، تعالى الله عن الجهات الست ، والحلول ، وأن يحويه مكان أو زمان ، وذلك يستلزم أنه جسم ، والجسم لا بد له من محدث ، فلزم هؤلاء وصفه تعالى بالحدوث ، وصفات الخلق ، فلو صح الحديث لفسرناه بمجرد التعظيم ، واسم الزمان والمكان الميمى لا ينصب على الظرفية إلا بعامل من لفظه ومعناه فمقاما ظرف لمحذوف أى فتقوم مقاماً محمودا أو يضمّن يبعث معناه فينصبه ، وأجاز الكسائى أن يعمل فيه عامل من غير لفظه ومعناه أو ناصبه حال محذوف أى يبعثك ربك قائمًا مقامًا محموداً ، وهذا أولى من تقدير ذا مقام محمود ، ويجوز أن يكون مصدرا ميميا مفعولا مطلقا ، أى قائمًا قيامًا محموداً .