Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 80-81)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِى مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِى مُخْرَجَ صِدْقٍ } لما كان المقام المحمود مبنيًّا على الموت ، ودخول القبر ، والخروج منه ، امره الله جل وعلا أن يقول يا ربى أدخلنى القبر إدخال صدق بأن أكون على رضاك ، وأخرجنى منه عند البعث إخراج صدق على طبق رضاك ، فألقى الكرامة ، ومدخل ومخرج مصدران ميميان من أفعل لمفعولان مطلقان ، ويجوز أن يكون الأول ظرفاً ميميا منه أيضاً أى موضع دخول صدق ، والثانى مصدراً مفعولا مطلقا . ويجوز أن يكون ظرفاً أى بأن يسمى القبر موضع خروج صدق ، أو لما كادوا يستفزونه من أرض مكة أمره الله بالهجرة ، وأن يقول : رب أدخلنى المدينة إِدخال صدق ، وأخرجنى من مكة إخراج صدق ، أو أدخلنى الغار إِدخال صدق ، وأخرجنى منه إِخراج صدق ، أو هما ظرفان كما مر ، أو أمره الله جل وعلا أن يقول لفتح مكة : رب أدخلنى مكة مدخل صدق بالفتح ، وأخرجنى منها إلى المدينة إخراج صدق ، والظرفية جائزة . وفسر بعض الصدق بالمرضى أو إخراج الصدق من مكة بالهجرة إخراجه مع أنه مخلص لله لا يلتفت قلبه إِليه ، أو إخراجه منها عند الفتح السلامة من أذى المشركين ، وكذا إِدخاله النار ، وإخراجه منها سالمًا من أذاهم ، ومما قد يكون فى الغار من السوء ، على أن دخول النار بالوحى أو المراد إدخاله فى تبليغ الوحى وإخراجه بالموت ، أو بانقضائه مؤدياً حقه ، أو إدخاله له وإخراجه فى كل ما يحاوله من الدين ، والمباح ، وسائر أحواله . { وَاجْعَلْ لِى مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا } حجة قوية على من خالفنى ، أو ملكاً قاهراً للكفر ، أو كتاباً يحوى الحدود والأحكام ، أراد إِتمام القرآن على ذلك ، أو أراد التسلط بالسيف على أهل الشرك ، وإِقامة الحدود على أصحابها ، أو سلطاناً فى كل عصر يقيم الدين ، وزعم بعض أنه فتح مكة . { نَصِيرًا } ينصرنى على من خالفنى والمشركين ، وقال ودعا فى ذلك كله فاستجاب الله جل وعلا له ، فإن حزب الله هم الغالبون ، ليظهره على الدين كله ، ليستخلفنهم فى الأرض ، والله يعصمك من الناس ، وملِّكه فارس والروم ، ونصير صفة مبالغة أى كثير النصر ، أو عظيمه ، وإسناد النصر إلى السلطان مجازاً وبمعنى منصور ، ويتقوى أن الدخول والخروج عند الفتح بقوله عز وجل : { وَقُلْ } عند دخول مكة بالفتح { جَاءَ الْحَقُّ } أى الإسلام ، وهو شامل للقرآن والجهاد وعبادته سبحانه وتعالى { وَزَهَقَ البَاطِلُ } ذهب الكفر ، استعمل لفظ المقيد وهو الذهاب المقيد بكونه ذهاب الروح فى مطلق الذهاب ، واستعمل منه ذهاب الباطل ، أو شبَّه ذهابه بذهاب الروح ، فيبقى صاحبها ميتا لا فعل له ، ورَمز إلى ذلك بلفظ الزهوق ، الموضوع لذهابها . { إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا } سبق القضاء بزهوقه ، قال ابن مسعود رضى الله عنه : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح ، وحول الكعبة ثلثمائة وستون صنما ، فجعل ينكت فى عين كل واحد بعصى صغيرة فى يده ويقول : { جاء الحق وزهق الباطل } فينكب لوجهه ، ويروى ينكت فى وجه صنم فيقع على قفاه ، وفى قفا صنم فيقع على وجهه ، مع أنها مثبتة بالرصاص والحديد ، وبقى صنم لخزاعة من صفر أصفر ، لا تناله العصا فوق الكعبة ، فقال : " يا علىّ ارم به " فصعد فرمى به وكسره ، ومن أراد البسط فعليه بقصة فتح مكة . ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم حمل عليًّا فأسقطه وقال : لو شئت لنلت السماء حين حملنى ، وذلك معجزة له صلى الله عليه وسلم ، ذكرها علىّ ، وقد كان يريد أن يحمل النبى صلى الله عليه وسلم فلم يقدر .