Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 7-7)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا } مفعول أحسن وأساء محذوف ، أى أحسنتم أعمالكم ، وأسأتم أعمالكم ، أو وأسأتموها أولا مفعول لهما ، أى فعلتم الإحسان والإساءة ، وكرر ذكر الإحسان لأنه أغلب فى شأن الله ، وأنه إذا فعله إنسان ينبغى له العود إليه ، والكلام كله مفعول لحال محذوف ، أى قائلين إن أحسنتم إلخ ، أو لمعطوف حذف مع العاطف أى وقلنا إن أحسنتم ثواب الإحسان بالطاعة للمطيع ، ولك قال : لأنفسكم ، وعقاب الإساءة على المسئ . فالمعنى فعليها ، وجاءت اللام لمشاكلة كما شاكل بقوله : ما عوقبتم به عاقبتم وعاقبوا ، أو شبه العقاب بالثواب لجامع الترتب المطلق ، فجرت الاستعارة التبعية باللام ، إذ كان العقاب من جنس الثواب بالجامع المذكور ، ففى قوله : فلها تهكم ، أو الأزمان للاستحقاق ، قيل أو للاختصاص والإحسان بكثرة العمل ، أو بتجريد أو بهما ، وكذا فى الإساءة سواء لزمته الإساءة أو الإحسان ، أو تعدياه إلى الغير ، قال على بن أبى طالب : ما أحسنت إلى أحد ولا أسأت إليه ، وتلا الآية ، والتقدير فإساءة لها أو أسأتم لها ، ولما حذف أسأتم وبقى مالا بلى أداة الشرط وهو لها قرن بالفاء ، وهذا مما إغفلوه نحو : آكل ثمراً وإلا فخبزاً والأصل وإلا آكل خبزاً . { فإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ } أى المرة الآخرة جواب إذا محذوف تقديره : بعثناهم عليكم ، يتعلق به قوله : { لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ } بردها بعثناهم ، وواو ليسوءوا إِلى قوله عباداً لنا أولى بأس شديد على طريق الاستخدام لأن العباد أولى بأس المذكورين فى المرة الأولى جالوت وجنوده ، والمبعوثون هنا بُخت نصَّر وجنوده ، أو المذكورون أو بُخت نصَّر وجنوده ، وهنا مثلهم من جنسهم أو نسبهم كملك بابل جودرز أو خردوس ، ويجوز إن قدر بعثنا لكم قوما آخرين ليسوءوا وجوهكم ، فلا استخدام ، ويجوز تعليق اللام بجاء والجواب محذوف للتهويل يقدر بعد قوله : تتبيراً ، أى كان ما يكون . ومعنى إساءة الوجوه الغلبة والقهر بالسبى والقتل ، حتى يظهر فى وجوهكم أثر الذل والحزن من قلوبكم ، وتفصيل المجمل فى المرتين إفادته الفاء للمرتين فى قوله : { فإذا جاء وعد أولاهما } [ الإسراء : 5 ] فلم يبق للثانية إِلا الواو ، ينسحب إِلى ما بعدها تفصيل الفاء الأولى ، ولكن جئ هنا أيضا بالفاء للدلالة على أن مجئ وعد عقاب المرة الآخرة لم يتراخ من كثرتهم واجتماعهم لشدة كفرهم للنعم ، وللدلالة على أنهم ما زالوا يزدادون كفراً لزيادة النعم ، فاجأهم العقاب حيث لا يحسبونه . { وَلِيَدْخُلُوا المَسْجِدَ } بيت المقدس للتخريب وأخذ أمواله ، ونقل ما بنى فيه من أنواع الجواهر ، وللعطف على ليسوءوا ، وتقدير بعثنا هنا مع أنه قدر أولا كالبعث ، إذ لا دليل عليه للاستغناء عنه ، ومثل ذلك جعل هذه اللام للقسم . { كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ } لذلك أى دخولا مثل دخولهم أول مرة أو دخولا ثابتًا كدخولهم أول مرة . { وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا } ليهلكوا ما علوه إهلاكاً فما موصول اسم مفعول به شامل للعقلاء وغيرهم ، كالبلاء والهدم إهلاك ، والرابط مقدر ، ويجوز أن تكون موصولا حرفيًّا ظرفية ، أى ليوقعوا الإهلاك ، أو يهلكوا ما قدروا عليه مدة علوهم ، قيل : بعث عليهم بُخت نصَّر فى هذه المرة الثانية ، فخرب وقتل نحو أربعين ألفا ، وسبى نحو سبعين ألفا ، قيل : وجدد ما يغلى وهو دم يحيى ، فصار يقتل حتى يسكن فلم يسكن حتى قتل سبعين ألفًا فسكن ، وذلك دية الأنبياء ، وذلك لعلمه مع كفره أن دم يحيى حرام ، وأن الله انتقم منهم . ويروى أنه سألهم عن الدم فقالوا : دم قربان لم يقبل منا ، فقال : أصدقونى وإِلا لم أبق منكم أحداً ، فقالوا : دم يحيى ، فقال : لمثل هذا ينتقم منكم ربكم ، فقال : يا يحيى قد علم ربى وربك ما أصاب قومك منك فاهدأ قبل أن لا أبقى منهم أحداً فهدأ بإِذن الله ، والصحيح أن يحيى قتل فى حياة أبيه .