Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 99-99)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَوَ لَمْ يَرَوْا } ألم يتفكروا ولم يروا أى لم يعلموا { أَنَّ اللهَ الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ } أى أن يخلقهم بعد فنائهم مثل خلقهم الأول ، كما قال : { خلقاً جديداً } [ الإسراء : 49 ، 98 ] ومثل الشئ لما كان مساويا له فى حالته جاز أن يعبر به عن الشئ نفسه ، كما يقال مثلك لا يفعل كذا ، ويراد أنت لا تفعل ، وذلك أنسب بالمقام من أن يقول : إن المعنى قادر على أن يخلق ناسًا يعبدون الله ولا يعصونه ، يوحدونه ولا يشركون به ، وهم مثلكم فى الإنسانية وليس بعثهم أصعب من خلق السماوات والأرض ، ولا الإعادة أصعب من البدء وكل شئ عنده سواء لا أصعب ولا أخف ، ومن ذلك قوله تعالى : { ويأت بخلق جديد } [ إبراهيم : 19 ، فاطر : 16 ] وقوله عز وجل : { يستبدل قومًا غيركم } [ محمد : 38 ] . وعامة آيات البعث إما ظاهرة أو صريحة فى أنه تبعث الأجسام الذاهبة بعينها ، وما بقى لم يفن كعَجْب الذنَب وما بقى من أجزاء ما يفنى ينفخ فيه الروح بعينه ، ويرد إليه ما فنى ، وجاء فى الحديث : " إن عجْب الذنب لا يبلى ولا يأكله التراب " فنقول فتجمع إليه ما ذهب ويحيى الكل ، وفسر بعضهم ذلك بأن العجب المذكور لا يفنى بالتراب ، بل يفنيه الله بلا تراب ، كما يفنى ملَك الموت بلا ملَك موت . وذكر بعض أن كل ما يفنى يفنى أيضًا ثم يعاد ، وأما فناء الأحياء بالموت فلا يستثنى منه مخلوق . { وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لاَ رَيْبَ فِيهِ } هو الموت أو القيامة ، والجملة معطوفة على قوله : " أو لم يروا " لأن معناه قدر ، كأنه قيل قدر أن يخلق مثلهم ، وجعل لهم ، وليس الاستفهام منسحبا عليه ، وأفرد الأجل لأن المعنى جعل لكل أحد أجلا هو الموت ، أو لأن القيامة أمر واحد ، ويجوز أن يراد بالأجل مدة الحياة كلها لكل أحد . ويجوز عطفها على خلق ، أو قادر فيتسلط عليها الاستفهام ، وهذا ظاهر فى التفسير بالموت ، أو بمدة الحياة . وأما فى التفسير بالقيامة فباعتبار وضوح أمرها بالدلائل حتى كأنها مما لا ينكرونه فيقال : أو لم يروا أنه جعل لهم يوم القيامة بلا ريب . { فَأَبَى الظَّالِمُونَ } المشركون مع وضوح الحق { إِلاّ كُفُورًا } مجوداً للحق وهو القدرة على البعث .