Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 21-21)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَكَذَلِكَ } كما أيقظناهم ، أو أحييناهم ، أو كما أنمناهم وأيقظناهم { أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ } أوقفنا الناس أو أهل مدينتهم عليهم وعلى حالهم ، ليزداد بصيرة ، من قال يبعث الأجساد والأرواح معا وليؤمن بالبعث من أنكره أو شك فيه ، وأصل العثور السقوط مطلقا ، وقيل : للوجه ، واستعمل فى الاطلاع على الشئ مجازاً ، وذكر بعض أنه حقيقة ، وعلى الأول العلاقة السببية ، لأن الساقط ينظر بأى سبب سقط . { لِيَعْلَمُوا } أى ليعلم من أعثرنا عليهم { أَنَّ وَعْدَ اللهِ } يبعث الأرواح والأجساد معا أو موعود الله ، وهو البعث ، وقيل : المراد كل وعد ، وكل موعود فيدخل البعث بالأولى وأكد ذلك بذكر الساعة بعد تخصيصا بعد تعميم { حَقٌّ } فكما قدر على إِبقائهم مدة طويلة لا تعتاد بلا أكل ولا شرب نائمين أو موتى ، وبعثهم بعدها يقدر على إحياء غيرهم من الموتى . { وَأَنَّ السَّاعَةَ } يوم القيامة { لاَ رَيْبَ فِيهَا } لأن ثلاثمائة سنة وتسعا لا فرق بينها وبين ما هو أكثر { إِذْ } مفعول لمحذوف ، أى اذكر أو ظرف متعلق بقول محذوف ، أى اذكر قولهم إذ إلخ لا ظرف لأعثرنا ، لأن التنازع بعد الإعثار لا فى حاله إلا تجوزاً للجواز ، أو توسعا فى الوقت ، بأن بعد وقت الإعثار ، ووقت التنازع واحداً ، وقع الإعثار ، فى بعضه ، والتنازع فى بعضه . { يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ } الضمائر لأهل مدينة أصحاب الكهف ، أو الناس المعثرين ، وأمرهم مفعول ليتنازع ، كأنه قيل يقتسمون أمرهم ويتجاذبونه ، فبعضهم يقول : تبعث الأرواح ، وتبقى الأجساد معدومة ، وبعضهم يقول : تبعث الأرواح ، والأجساد ، أو الضميران الأولان لأهل المدينة وهاء أمرهم لأصحاب الكهف بعضهم يقول : نبنى عليهم بنيان بيعة ، لأنهم على ديننا فنعمل صليبا وناقوسا فيها . وقال المسلمون نبنى عليهم مسجداً يصلى فيه الناس بلا كفر ، لأنهم على ديننا ، وقال المشركون نبنى عليهم بنيانا على معتادنا ، وقيل : أَمرهم مدة لبثهم وقيل عددهم ، وقيل هو كونهم بعد ذلك الاطلاع عليهم ماتوا أو ناموا كأول مرة . { فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ } حولهم { بُنْيَانًا } يسترهم ، قال ذلك غير المسلمين ، والبنيان مسجد كفر أو مدينة يسكنها الناس والعطف على يتنازعون ، وقيل على محذوف أى تحققوا الآية من الله فقالوا : { رَبُّهُمْ أَعْلمُ بِهِمْ } بأبدانهم ونسبهم ، ومدة لبثهم وأحوالهم . هذا من كلام المتنازعين ، و قيل من كلام الله سبحانه وتعالى ردًّا على الخائضين فيهم من المتنازعين ، أو ممن كان على عهده صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب . { قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أمْرِهِمْ } أمر الفتية بالقوة والتمكن ، ونفاذ الكلمة ، وهم المسلمون ، وقيل أهل أصحاب الكهف ، وقيل أكابر البلد { لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا } إِسلاميا يصلى فيه فبنوه وسدوا به باب الكهف كما مر ، مرت أعوام بعد دقيانوس ، وملك المدينة مؤمن ، وفى المدينة قوم ينكرون بعث الأجساد إلا الأرواح ، فلبس المسوح ، وقعد على الرماد ، وتضرع إلى الله ، فأعثرهم الله على أصحاب الكهف ، فآمن كثير ببعث الأجساد . فقيل علم الناس طوال المدة بطول الشعور والأظفار طولا غير معتاد ، وبقراءة ما فى اللوح أو اللوحين المذكورين ، ولأنهم ذهبوا بدراهم فيها اسم دقيانوس فأنكروها ، وذهبوا به إِلى الملك وهو مؤمن اسمه بندوسيس ، فتبيَّن أمرهم وزمانهم بإِخباره ، وقال : أردت شراء التَّمر لأصحابى المختفين من دقيانوس . وقيل : قال : بعث كرمة لى أمس فعلم أنه لم يجد كنزاً كما اتهمه الناس به ، فأظهر الله أمرهم ، فشكر الله لما رأى شخصه ودرهمه إِستنكرهما ، فقال : لعله من الفتية الهاربين من دقيانوس ، فقد كنت أسأَل الله أن يرينيهم ، وسأله فأَخبره فقال لقومه سيروا معه إلى الكهف ، لعل الله يرينا آية ، ولما وصلوا قال تمليخا : أنا أدخل أولا لئلا يرهبوا ، فأخبرهم أن الأمة مسلمون ، فقيل : خرجوا إلى الملك وعظموه وعظمهم فرجعوا إلى الكهف . وأكثر القول أنهم ماتوا حين كلمهم تمليخا ، ودفنهم الملك ، وروى أنه جعلهم فى توابيت من ذهب ، فأَتوه فى النوم فقالوا : خلقنا من تراب ، فجعلهم فى توابيت من ساج ، وروى أنه دخل تمليخا ولم يرجع إليهم ، ومات هو وأصحابه ، ولم يخرجوا ولم يكلِّمهم الملك ، وروى أن بعض القوم طمس الغار عليهم لئلا يراهم أحد ، وروى أنهم بنوا مسجداً عنده ليعلم الغار ، ولا ينسى . وقيل : لما دخل تمليخا عمى فم الغار ، فبنوا هناك مسجداً ، وليس فى ذكر بناء المسجد عليهم ما يبيح بناءه على القبر ، لأن كهفهم ليس قبراً ، ولأن جدار المسجد سدّ لباب الكهف وليس المسجد على الكهف ، ولأن الكهف ليس قبراً ، وليسوا موتى ، ولأنه تعالى لم يذكره بالجواز . ولصحة الحديث فى النهى عن البناء على القبر ، ففى مسلم بسنده عن أبى الهياج الأسدى قال لى على : أبعثك على ما بعثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن لا تدع تمثالا إلا طمسته ، ولا قبراً مشرفاً إِلا سويته ، وقد روى عنه صلى الله عليه وسلم : " لعن الله الذين يتخذون المساجد على القبور " .