Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 22-23)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ سَيَقُولُونَ } الواو هنا وفى الموضعين بعد الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أى سيقول بعضهم : كذا ، ويقول بعضهم : كذا ، وقيل اليهود الخائضين فيهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقيل : الأولان لنصارى نجران ، والثالث للمؤمنين ، ونجران قرية للنصارى بين الشام واليمن والحجاز ، كذا قيل ، وفيه قصور لتباعد ما بين تلك المواضع ، قيل سيقولون لك يا محمد ، يخبرونك إِذا سألتهم وذلك أن نصارى نجران عرب وقيل الأول لليهود ، والثانى للنصارى ، والثالث للمؤمنين ، وقيل الواوات لمن فى زمان بعثهم وبعده ، لا فى زمانه صلى الله عليه وسلم ، فالاستقبال بالسين لاعتبار ما قبل قولهم ، أو السين للتأكيد . { ثَلاَثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ } أى أصحاب الكهف ثلاثة رجال معهم كلب لأحدهم ، أو للراعى أو تملكوا كلبًا وصحبوه ، وقدر بعض ثلاثة أشخاص ، واختير لقوله : { رابعهم كلبهم } لأن الكلب غير رجل ، بل شخص ، ولا يلزم ذلك لجواز استصحاب غير الجنس كأنه قال : ثلاثة رجال يربعهم كلب ، ولا سيما أنه لأجل صحبتهم المباركة ، يعد كأحدهم ففيه إِغراء على صحبة الأخيار ، ولا يضرنا أنه تخيل شعرى ، لأن له داعى الإغراء ويقال لذلك الذى بعثهم الله فى زمانه نصرانى مؤمن ، يقول : عيسى رسول الله لا إله ولا ابن إله لما جاء إليه تمليخا وتكلم معه وأخبره ، قال هو ومن معه : إن آباءنا أخبرونا أن فتية فروا بدينهم من دقيانوس ، فلعلهم هؤلاء فانطلقوا إليهم وتبعهم أهل المدينة مؤمنهم وكافرهم . ومن ذلك تدعى النصارى أن أصحاب الكهف منهم ، فقال السيد من نصارى نجران على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثلاثة رابعهم كلبهم ، وهو يعقوبى ونسب هذا القول لليهود ، ويقال : وفد نصارى نجران على النبى صلى الله عليه وسلم ، فجرى ذكر أصحاب الكهف ، فقال اليعقوبية من النصارى : ثلاثة رابعهم كلبهم ، وقال النسطورية منهم : خمسة سادسهم كلبهم ، وقال المؤمنون سبعة وثامنهم كلبهم ، وكان أصحاب الكهف بعد عيسى ، وقيل : قبله ، وقيل : قبل موسى عليهما الصلاة والسلام ، لأن علم اليهود بهم يوجب أن يذكروا فى التوراة لكفر اليهود بالإنجيل ، فلا يذكرون ما فيه ، وهو قول الحسن وأبى بكر وغيرهما ، وصححه بعض والفسطورية هم القائلون : إن الله ثالث ثلاثة ، واليعقوبية هم القائلون : إن الله هو المسيح بن مريم ، والملكانية يقولون : عيسى عبد الله ورسوله . { وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ } هم خمسة رجال ، أو خمسة أشخاص ، والعطف على مدخول السين ، فيكون حكمهما لينسحبا على يقولون كأنه قيل : وسيقولون ، وكذا فى الثالث ، ويجوز العطف فيهما على السين ومدخولها ، فلا ينسحب حكمها عليهما فيستفاد الاستقبال من المضارع . { وَسَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ } هو قول النصارى أو العاقب منهم ، وهو من النسطورية وجملة رابعهم كلبهم نعت لثلاثة ، وسادسهم كلبهم نعت لخمسة ، أو مستأنفتان . { رَجْمًا بِالغَيْبِ } تعليل لمحذوف ، أى يقول أصحاب القولين ذكر رجماً بالغيب ، أو راجمين بالغيب ، أو ذوى رجم ، أو يرجمون رجماً ، فيجوز نصبه على المفعولية المطلقة ، بيقولون . والكلام استعارة له من الرجم بالحجارة ، والغيب الغائب من الأخبار ، أو بمعنى المظنون ، والباء للتعدية ، شبه الغائب المظنون بحجر يرمى به ، ولا يصيب . { وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ } مثل ما مرّ ، وهو قول المؤمنين ظنًّا صح أو عن الوحى ، بدليل أنه لم يقل رجمًا بالغيب ، كما قاله فى الأولين ، فإن قوله رجمًا بالغيب عائد إلى الأولين جميعاً كما رأيت ، وعدم إيراد قول رابع فى مثل هذا المحل النزاعى دليل على عدمه . وعن ابن عباس رضى الله عنهما : الصحيح أنهم سبعة ، لأن الله جل وعلا قال فى أول الآية : { قال قائل } [ الكهف : 19 ] فهذا واحد ، وقال فى جواب قول هذا القائل : { قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم } [ الكهف : 19 ] وقالوا قول جمع أول وأقله ثلاثة ، ثم قال : { قالوا ربكم أعلم بما لبثتم } [ الكهف : 19 ] وهذا قول جمع آخر خاطب الجمع الأول فالمجيبون ستة ، والسائل واحد ، فذلك سبعة . { وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ } هذه الجملة معطوفة على هم سبعة ، ولا بأس بتسميتها واو الثمانية على معنى أن العرب إذا وصلوا فى العد ثمانية عطفوا بالواو ، أو جاءوا بجملة حالية مقرونة واو الحال مثلا ، فإنه يصح أن تكون الجملة حالا من واو يقولون ، ولها معنى وهو العطف أو الحالية ، مثلا وإنما المحذور أن يقال هى واو الثمانية زائدة بلا معنى ، والسبعة عقد تام كعقود الشعرة لاشتمالها على أكثر مراتب أصول الأعداد ، ومبالغة العرب بسبعة وسبعين وبسبعمائة وسبعين ألفًا ، وكثر ذلك . والثمانية كعقد مستأنف ، فبينهما اتصال من وجه ، وانفصال من وجه ، فصح العطف ، ولا يوجد ذلك بين الستة والسبعة ، ولا حاجة إلى دعوى أنها زائدة فى أول جملة النعت ، لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف ، والدلالة على أن اتصافه بها أمر ثابت . ولا نسلم أن قوله تعالى : { ولها كتاب معلوم } [ الحجر : 4 ] نعت لقرية مقرون بالواو ، بل حال والواو حالية ، ولو سلمنا ذلك لقلنا لما كان الثمانية فى الصفة جئ بواو الثمانية على معنى تأكيد اللصوق ، وجاءت ثامنة فى قوله تعالى : { والناهون عن المنكر } [ التوبة : 112 ] { وأبكاراً } [ التحريم : 5 ] و { فتحت أبوابها } [ الزمر : 71 ] ونحن بعد العرب نعد الأصل عشرة . { قُلْ رَبِّى أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ } من الناس قال ابن عباس : أنا من القليل أنهم سبعة ، وأن أسماءهم ، مكسلمينا ، وتمليخا ، ومرطوش ، وينبوش ، وسارينوش ، ودونوارش ، وكفيشططيوش . وقال علىّ : تمليخا ، ومكسلمينا ومشلمينا ، وهم أصحاب يمين الملك ، ومرنوش ، ودبرنوش ، وشاديوش ، وهم أصحاب يساره ، وكان يستثيرهم ، والسابع الراعى واسمه قيل : كفشططيوس ، وقيل فليسنطيونس ، وكلبهم قطمير ، وقيل : حمران ، وقيل : ريان ، وقيل : إلا قليل من أهل الكتاب ، والصحيح الأول لقول ابن عباس أنا منهم كما مر . ويُطفأ الحريق إن شاء الله بإلقاء ورقة مكتوب فيها أسماء أهل الكهف ، وتعلم الأولاد ، وإن كُتبت على دار لم تحرق ، أو على متاع لم يُسرق ، أو على مركب لم يغرق ، وتنفع بإذن الله عز وجل للطلب والهرب ، وبكاء الأطفال ، والحمى المثلثة ، وللصداع بالشد على العضد الأيمن بها ، والمتابعة ، ونماء العقل ، وحفظ المال ، ونجاة الآثمين من السلطان ، والغنى ، والحياة ، وعسر الولادة ، بشدة على الفخذ اليسرى ، ولا حجة لذلك . { فَلاَ تُمَارِ } تجادل { فِيهِمْ } فى شأنهم من عدد ووصف ومحل ونحو ذلك { إِلاّ مِرَاءً ظَاهِرًا } بأن تقص عليهم ما فى القرآن من غير تجهيلهم . والرد عليهم ، من غير تعمق فيه ، وتقول لمن ذكر منهم عدداً من أين أخذته ، وما فى القرآن كفى ردٌّ وحجة . { وَلاَ تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ } حال من قوله : { أَحَدًا } وهاء منهم عائد لأهل الكتاب لعلمه صلى الله عليه وسلم بمرجع الضمير . روى أنه سأل نصارى نجران عنهم ، فنهاه الله ، ولا يحل لمسلم أن يراجع أهل الكتاب فى شئ من العلم ، إذ لا تؤمن حياتهم وجهلهم ، وقال : سأل أهل مكة اليهود فقالوا : سلوه عن ذى القرنين ، وأصحاب الكهف ، والروح كما مر ، فسألوه فقال : غداً أخبركم ، ولم يقل إن شاء الله ، فلبث الوحى خمسة عشر يومًا أو غيرها كأربعين وكثلاثة كما مر تأديباً له ، فنزل قوله تعالى : { وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَئٍ } لأجل شئ ، أو فى شأن شئ { إِنِّى فَاعِلٌ ذَلِكَ } شيئا ما من الأشياء فحسب الأحوال { غدًا } أو بعد غد من المستقبل ، وقيل : غداً عبارة عن مطلق المستقبل .