Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 24-24)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِلاّ أنْ يَشَاءَ اللهُ } الاستثناء منقطع ، أى لكن المعتبر مشيئة الله ، وأن مصدرية أى إِلا مشيئة أو مفعول لحال محذوفة ، أى إلا شارطاً مشيئة الله ، أو إلا ذاكراً مشيئة الله ، أو إلا متلبسا بإن شاء الله ، أى بذكر مشيئة الله ، أو إلا مقيداً بمشيئة الله ، ولا يصح تقدير إلا وقت مشيئته ، لأنه ليس المعنى على أن القول وقت مشيئة الله ، لأنا لا ندرى الوقت الذى أراد الله إيقاع الفعل فيه من الفاعل ولا يصح أن يقال التقدير إلا لئلا إن يشأ الله ، لأنه لا يقول إن يشأ بفتح الهمزتين ، فما معنى إلا قائلا إن يشأ الله ، والقول لا ينصب المفرد إلا إن تضمن جملة ، أو على تأويله بذاكر فليقدر ذاكراً كما رأيت ، ولا يصح تعليقه بفاعل لأنه يكون المعنى لا تقولن لشئ إنى فاعل فى كل حال أو فى كل وقت إلا فى حال مشيئة الله ، أو إلا فى وقت مشيئة الله ، وهذا غير سديد ، لأن مرجعه النهى عن أن يقول إنى فاعل إن شاء الله . وإن كان لمعنى إنى فاعل ذلك غداً بكل حال إلا تعرض مشيئة الله ، ترك العمل لم يصح ، لأن هذا لا ينهى عنه . { وَاذْكُرْ رَبَّكَ } بالاستثناء إذا تذكرت أنك لم تستثن كما قال : { إِذَا نَسِيتَ } الاستثناء وهو قولك إن شاء الله حال العقد لشئ ، أو الحلف أو ذلك تدارك من الناسى لما فاته لا إسقاط للحنث إذا فصل أو لم ينو حال الحلف أن يستثنى ، ولما نزلت الآية قال صلى الله عليه وسلم : " إن شاء الله " ، فالاستثناء لا حد له ولو طالت المدة ، وكذا من جهل ثم تعلم المسألة يقول إذا تعلم : إن شاء الله ولو طالت المدة ، وذلك كله ما لم يحنث . قال ابن عباس : يستثنى ولو بعد سنة أو أكثر أبداً ما لم يحنث لدليل الآية ، وعنه سنة ، وعنه شهر . وعن سعيد بن جبير أربعة أشهر وعن الحسن وطاوس وعطاء ما دام فى المجلس . وروى عن عطاء حلب ناقة ، وعن مجاهد سنتان ، وقيل : ما لم يأخذ فى كلام آخر ، وذلك على الإطلاق ، وقيل : لا يصح الاستثناء ولو باتصال إلا إن نوى أنه إذا تم عقده أو يمينه استثنى ، وقيل : يجوز فى كلام الله فقط الفصل مطلقًا لا فى كلام غيره ، إذ لا يغيب عنه بشئ فهو مراد له . وقيل : يجوز الفصل للنبى صلى الله عليه وسلم لا لغيره من الناس ، بحيث لا يخالف الآية ، وخالف الفقهاء ابن عباس ، وأهل تلك الأقوال بالانفصال ، إلا بنحو تنفس أو سعال ، وإلا لم ينعقد إقرار ولا طلاق ولا عتاق ، ولم يعلم صدق ولا تخلف ، وبهذا قال أبو حنيفة ، فأمر المنصور بإحضاره لينكر عليه ، فقال هذا يرجع عليه ، فإنه يبايعك الرجل ويحلف ، وإذا خرج أو بدا له استثنى وقال إن شاء الله ، أو قال إلى وقت كذا أو إلا إن كان أو لم يكن ، استثنى فى قلبه أو سرًّا كما لا تسمع ، فاستحسن كلامه ، ورضى عنه . وحجة الفقهاء آيات وجوب الوفاء بالعهد وأحاديثه ، وأما قوله تعالى : { واذكر ربك إذا نسيت } فلا يختص بما قال ابن عباس ، فإنه يجوز أن يكون بمعنى إذا نسيت الاستثناء فاستغفر ، وهو من باب التغليظ ، لأن ترك الاستثناء ولو نسياناً ذنب يجب الاستغفار منه . ويجوز أن لا يكون راجعاً لما قبله ، بل : معنى اذكر عقاب ربك ، أو ربك وعقابه إذا تركت بعض ما أمرك به ، أو بمعنى اذكر ربك إذا غفلت عن ذكره واعتراك النسيان ، والنسيان بمعنى الترك وارد ولا مفعول للنسيان يبعد ما قيل : صل صلاة نسيتها ، لأن المحل ليس لها . ويروى أن مغربيا عالما أراد معرفة مرتبة علماء بغداد ، فسافر ودخلها من باب الأخ ، ومشى خلف رجلين يبيعان البقل على رءوسهما ، وقال احدهما للآخر : يا فلان كيف أجاز ابن عباس تأخير الاستثناء ، ولو كان كما قال لقال عز وجل لأيوب عليه السلام : استثن الآن ، ولم يقل له : { وخذ بيدك ضغثاً فاضرب به ولا تحنث } [ ص : 44 ] فرجع للمغرب ، فقيل له : فقال : رأيت من بائع البقل على رأسه ما رد به على ابن عباس ، فكيف علماؤهم المتصدون للعلم ، قال بعض علماء بغداد : لا يثبت هذا النقل . { وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّى لأَقْرَبَ مِنْ هذَا } من خبر أهل الكهف فى الاحتجاج على رسالتى { رَشَدًا } مفعول ثان ليهدى ، أو مفعول مطلق أى هداية أو تمييز ، وقد أجاب الله جل وعلا دعاءه فأتى قصص الأنبياء وأممهم وسائر المعجزات ، والأخبار الغائبة الماضية واللاحقة إلى قيام الساعة ، أو المراد أقرب رشداً مما نسيت ، وقيل هذا من جملة ما أمر بأَن يقوله إِذا نسى قال بعض الكوفيين : إِذا تذكر أنه لم يستثن فتوبته أن يقول : { عسى أن يهدين ربى لأقرب من هذا رشدا } ولا يدل عليه حديث ، ولا الآية ، وإنما هو استحسان .