Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 6-6)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ } شبه الله سبحانه وتعالى حال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى شدة الوجد على إعراضهم عن الإيمان ، أو كمال الحزن عليهم . بحال من يتوقع منه إهلاك نفسه إثر فوت ما يحبه من أهل ، والفاء للتفريع على قوله : { إن يقولون إلاَّ كذبًا } [ الكهف : 5 ] عاتبه الله على شدة حزنه ، حتى كاد يقتل نفسه لقولهم ذلك ، مع أنه قول كذب ، أو على قوله { كبرت } [ الكهف : 5 ] إلخ أو لمجرد الترتيب الذكرى ولا يجوز أ ن تكون الجملة جواب شرط ، والفاء رابطة ، لأن الصحيح أن جواب الشرط لا يتقدم ، ولو جاز تقدمه لورد تقم إن قام زيد ، بجزم تقم ، ولعدم وجوب قرن الجملة التى لا تصح شرطًا بالفاء إذا تقدمت نحو : قم إن قام زيد ، أو أنا قائم إن قمت ، وليست واردة بالفاء إلا باعتبار ما قبلها . ولا أقبل قولهم أيضًا الجواب محذوف دل عليه ما قبله فى نحو : أقوم إن قام زيد ، وأنه الصواب أن يقال لا جواب له ، لأنه أغنى عنه ما قبله ، والمقدر فى ذلك لا يقصده المتكلم ، فكيف يقدره ، ومعنى باخع نفسك قاتلها ، والبخع القتل مطلقا لا ما قيل إنه القتل حزنًا ، وأنه لا يستعمل فى القتل بغير الحزن ، والآية تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم لاجتماع عتبة بن ربيعة ، وأخيه شيبة بن ربيعة ، وأبى جهل ، والنضر بن الحارث ، وأمية بن خلف ، والعاص بن وائل ، والأسود بن المطلب وأبى البحترى وأمثالهم من عظماء قريش ، على تكذيبه ، ولعل للترحم لما نقول : هى فى كلامنا للإشفاق والحث على ترك التحزن ، وأجاز الكوفيون أن تكون للاستفهام ، وهو توبيخ وإنكار ، قيل : هي هنا للنهى أى لا تبخع ، وعلى التعليل وآثارهم جمع أثر ، وهو ما قالوه كقوله تعالى : { ونكتب ما قدموا وآثارهم } [ يس : 12 ] أو الكلام استعارة تمثيلية ، بأن شبه ما يداخله من الوجد على كفرهم بمن فارقته عشيرته فتحسر بعدهم . { إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ } القرآن { أَسَفًا } تعليل لقوله : " باخع " ولا حاجة إلى جعله حالا لاحتياجه إلى التأويل بأسفًا أو بذا أسف ، أو المبالغة كأنه نفس الأسف ، وقدر بعض تأسف والأسف الحزن والغضب معًا ، ويستعمل فى أحدهما أيضًا وحده ، والآية قابلة لذلك ، وفسرها قتادة بالغضب ، وروى عنه بالحزن ، وفسره البخارى بالذم ، ومجاهد بالحزن ، ويقال إذا جاء التفسير عن مجاهد كفى قوة وجمعًا فى قوله تعالى { غضبان أسفًا } [ الأعراف : 150 ، طه : 86 ] تأكيداً أو أسفًا بمعنى حزنًا ، أو غضبان على بعض أسفًا على بعض ، ومَن قدر على الانتقام غضب أو لم يقدر حزن .