Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 7-8)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّا جَعَلْنَا ما عَلَى الأرْضِ } من الحيوان والنبات ، والشجر والمعادن ، والأنهار والبحور ، فإنها على الأرض ، وما يخرج منها من اللؤلؤ والمرجان والسمك ، وكالسفن ، وكلعلماء والصالحين الأمراء والرجال والنساء وأدخل بعض فى ذلك نحو الحية والعقرب ، فإنه زينة من حيث دلالتها على الله تعالى . { زِينَةً لَهَا } ولأهلها ، أو يقدر مضاف ، أى زينة لأهلها . { لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاَ } بالتوحيد والعمل الصالح ، والتقوى والشكر ، والاستنفاع بذلك ، قصد إلى إقامة الدين ، وينفع خلق الله به صدقة ، وأداء لحقه ، أو بالزهد فيه ، والاقتصار على ما لا بد منه ، وبأخذه بوجه حلال وبعدم الاغترار به ، وبعدم الإعجاب به ، وبصرفه فى الطاعة لا فى المعصية ، أو التضييع ، وفيما لا يعنى ، وقولك الكافرون ونحوهم لم يشكروا ذلك الإنعام ، وأخذوه بوجه ، وصرفوه فى حرام ، فويل لهم ، وسترى ما يحل بهم ، والجملة استفهامية مفعول لنبلو معلقًا عنها لتضمنه العلم ، أو أى بمعنى الذى بدل من الهاء قبله ، والتقدير : أيهم هو أحسن عملا ، وهى مبنية . وسئل صلى الله عليه وسلم عن الأحسن عملا فقال : " أحسنكم عقلاً ، وأورع عن محارم الله تعالى وأسرعكم فى طاعته سبحانه " وعن الحسن : أحسنهم عملا أشدهم للدنيا تركا ، وقال غيره : أحسنهم من زهد وقنع من الدنيا بزاد المسافر ، ودونه حسنا هو من استكثر من حلالها ، وصرفه فى وجهه ، ومن دون ذلك قبيح من احتطب حلالها وحرامها ، وأنفقه فى شهواته ، وهذه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعليل للنهى ، كأنه قيل لا تحزن فإنى منتقم منهم ، ولا بد من عقابهم بعد الفناء المذكور بقوله : { وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا } تشبيه بليغ كقولك : جعل الله زيداً أسداً ، فصعيداً مفعول لا منصوب على نزع الجار ، والصعيد التراب ، ووجه الشبه أنه يصيّره الله كالتراب ، لا يرغب الناس فيه ، وذلك يوم القيامة ، يوم لا يرغب الناس فى المعادن ولا فى غيرها ، إلا فى العمل الصالح ، ولا يجدونه إلا ما فى الدنيا ، وهو كقوله تعالى : { كل مَنْ عليها فان } [ الرحمن : 26 ] وقوله : { فيذرها قاعًا صفصفًا لا ترى فيها } [ طه : 106 - 107 ] إلخ ، وذلك تزهيد فى الدنيا ، والجرز الأرض التى قطع نباتها ، والجرز بإسكان الراء : القطع ، والمراد مطلق الإذهاب وإزالة النفع بذلك كله ، ولا يختص بالنبات ، ويقال : الجرز الموضع الذى لا نبات فيه ولا ماء ، والصعيد المستوى من الأرض ، ويقال : وجه الأرض مطلقا ، وهو نعت صعيداً أو مفعول ثان بعد مفعول ثان .