Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 71-71)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَانْطَلَقَا } موسى والخضر ، ولم يذكر يوشع لأنه تابع لموسى ، و قيل : رده موسى إلى بَنى إسرائيل . قال البخارى ومسلم وغيرهما : إِنهما مشيا على الساحل ، فطلبها أهل سفينة مرت عليهما أن يحملوهما ، فعرفوا الخضر فحملوهما بلا كراء ، وذكر ابن أبى حاتم عن الربيع بن أنس : أنهم ظنوا أنهما لصوص ، وكان الموضع مخوفًا فأبوا ، فقال كبيرهم : أرى رجالا عليهم النور لأحملنهم ، فحملهم . { حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِى السَّفِينَةِ خَرَقَها } أل للحقيقة ، إذ لا عهد بها ، ولا يصح الاستغراق ، وهى سفينة جديدة قوية ، أحسن ما يكون ، ويقال : كانت صغيرة تحمل من عدوة إلى عدوة ، وهو مناسب لأن تكون فى بحر طنجة ، فهى تحمل من عدوتنا هذه إلى عدوة أندلس ، وكنت أقول الأندلس بأل ، ثم تذكرت أنه لا وجه لأل ، لأنه علم فلا وجه لأل إلا تكلف تضمن معنى جزيرة ، والمشارقة يقولون فى بحر الشام ، وأنها تحمل إلى أيلة ، ولما طلعا فيها جاء عصفور حتى وقع على حرف السفينة ، ونقر فى البحر ، وقال له الخضر : ما نقص علمى وعلمك من علم الله تعالى إلا مثل ما نقص هذا العصفور من البحر ، وهذا تمثيل إذ لا ينقص من علم الله تعالى شئ ، والبحور تنفد وعلم الله لا ينفد . وعدى ركبا بفى لتضمن الركوب معنى الدخول ، وانظر هل ذكرت شيئًا فى قوله تعالى عز وجل : { وقال اركبوا فيها } [ هود : 41 ] وخرقها : قلع لوح منها بالقادوم ، وقيل : لوحين مما يلى الماء ، قيل : وتَّد فيها وتداً أيضًا . ويروى أنها لما صارت فى لج الماء أخذ مثقابًا له فثقبها ، وأخذ لوحًا وأصلحها به ، وقيل : حين شارفت الأرض ويجمع بأنه عزم فى اللجة أو ابتدأ فيها ، ولم يتم حتى شارفت أرض العدوة أَو أرض جزيرة نزلوها ، أو لم ينزلوها . أو معنى ما يلى الماء ما يقرب منها ، بحيث يدخلها ويقدر على علاجه أما فى أسفلها فلا يقدر على إصلاحها ، اللهم إلا بقدرة من الله له أو بكفه الماء له ، على كل حال قال له موسى عليهما السلام : قوم حملونا بغير نول ، عمدت إلى سفينتهم فخرقتها . { قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا } وذلك أنه خرقها وأهلها فيها ، وذكر بعض أنهم خرجوا فتخلف فيها ليخرقها ومعه موسى ، ومعنى الإغراق على هذا أنهم إِذا ركبوا فيها غرقوا إذ كانت بخرقه ، ولو أصلحها يدخلها الماء قليلا شيئًا فشيئًا ، وإن خرقها وهم فيها فهم لم يشعروا بأنه يخرقها ، بأن خرقها فى موضع لا يرونه ، وليسوا فيها . وروى عبد بن حميد ، ومسلم وابن مردويه حديثا : أنه خرج مَن كان فيها وتخلّف ليخرقها ، فقال له موسى : تخرقها لتغرق أهلها ، والمضارع فى عبارة موسى لاستحضار الصورة ، أو عزم على الخرق ، فلامه موسى بالمضارع ، ولما خرق لامه بالماضى ، وقد يمكن أنه حين الشروع فى الخرق لم يروه ، ولا رأوا خرقه على أنه كالجنى يظهر إذا أراد ، ويختفى إذا أراد بإقدار الله عز وجل له على ذلك ، فلم يره إلا موسى . ولفظ أبى العالية ، عن حماد ، عن شعيب : أن الخضر عبد لا تراه إلا عين مَن أراد الله تعالى أن يريه إياه واللام للعاقبة لا للتعليل ، لأنه يحسن الظن بالخضر ، وهو ولو غضب يستحضر أن الخضر ولى لله أعلم منه ، ومعنى نكراً تنكره العقول ، ولم أهتد إِلى وجهه . ويجوز التعليل بأَنه نسى ولايته وأعلميته ، لشدة ما حدث عليه مما يخالف ظاهره علم الأحكام ، واشتد غضبه ، وشد عليه ثيابه حتى نسبه لقصد الإغراق ، والمنكر ، وحتى جر الخضر ليلقيه فى البحر ، وقال : أردت أن تهلكهم فستعلم أنك هالك ، وكلما ازداد غضبًا استعر البحر ، وكلما سكن كان البحر كالدهن ، ويوشع يقول له : ألا تذكر العهد الذى جعلت على نفسك . { لَقَدْ جِئْتَ } أتيت وفعلت { شَيْئًا إِمْرًا } بكسر الهمزة كسراً نقل إِلى تنوين شيئًا بمعنى أمراً عظيماً غير مألوف .