Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 79-79)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أَمَّا السَّفِينَةُ } التى خُرقت { فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ } عشرة ضعفاء فى النفس لا يردون ظالمًا عنهم ، وخمسة منهم ضعاف بدناً بالمرض اللازم لهم ، سواء كانوا ذوى مال أم لم يكونوا ، فلا حجة فى الآية لمن يقول : إن المسكين من له شئ لا يكفيه ، ولا على من يقول إن المسكين لا يملك شيئًا أصلا ، لأن هذه السفينة عاريّة فى أيديهم ، أو يعملون فيها بأجرة لكن الظاهر أنها لهم ، فالمسكين من له ما لا يكفيه ، ويمكن أن ينزلوا منزلة ما لا شئ له أصلا . { يَعْمَلُونَ } بها { فِى الْبَحْرِ } لمعيشتهم ، وإِسناد العمل إليهم حكم على المجموع ، لأن العمل للخمسة الأصحاء فقط لا للخمسة الزمنى أيضا ، أَو لأن عملهم عمل الزمنى أيضا لشركتهم . { فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا } بالخرق فقط ، لئلا يرغب فيها الملك المتغلب عليهم ، فيأخذها ، لأنه لا يأخذ المعيبة ، ولم أرد إِغراق من فيها كما توهمت أو تخوفت ، وذلك لغلبة القيام بالحكم الظاهر عليه ، ولذلك لم يقل فأعبتها ، وهذا على أن اللام فى { لتغرق أهلها } تعليل ، وعلى أنها للعاقبة يكون المعنى أردت أن أعيبها فقط ، ولم أرد وجهاً يوصل إِلى الإغراق بعد . { وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ } معنى الوراء هنا للتغلب ، هكذا لا خلف ولا قدام كما تقول : كيف أقيل ومن ورائى مسير نصف يوم إلى البلد الذى توجهت إليه ، تريد الشدة ، لا قدام ولا خلف وقيل بمعنى أمام كما قرأ به ابن عباس تلاوة أو تفسيراً ، أو وراء اسم للجهة التى يوارى بها الشخص من خلف أو قدام ، وقيل : هو مصدر إِذا أضيف إِلى الفاعل أريد به المستور ، وإِذا أضيف إِلى المفعول أريد به الساتر ، ويرده : { ارجعوا وراءكم } فإنه أضيف إِلى المفعول ، والمراد به الخلف وهو المستور . وقيل : الملك خلفهم يدركهم ويمر بهم ، أو يكون رجوعهم عليه ، واسمه هدد ابن بدر ، وقيل : جلندى بن كرك ملك غسان ، وقيل مضواد بن الجلندى بن سعيد الأزدى ، وكان بأندلس ، وفيه أن هذا فى عمان لا فى المغرب إلا إن ملكها فى الجاهلية . { يَأْخُذُ } لنفسه تملكًا ، وقيل يستعملها ويردها { كُل سَفِينَةٍ } صالحة ، ولو كان يأخذ المعيبة أيضا لم يخرقها الخضر ، وإنما خرقها لئلا يأخذها ، وقرأ أبىّ كل سفينة صالحة تلاوة أو تفسيراً . { غَصْبًا } مفعول مطلق نوعى ليأخذ بتضمين معنى يغصب ، والغصب نوع من الأخذ أو مفعول مطلق ليغصب محذوفاً ، أى يأخذ كل سفينة غاصبًا لها غصبًا أو غصبًا حال بمعنى غاصب ، ومصاحب غصب فغصبا مفعول مطلق مؤكد . وعن الربيع بن أَنس : أن الخضر بعد أن سلمت من الملك الكافر قال لأصحابها : أردت لكم الخير ، وإن كان يكسر فشكروه ، وأصلحها لهم كما كانت ، وموسى حاضر للقول والإصلاح ، والله أعلم بصحة ذلك . وقدم فأَردت أن إعيبها على وكان وراءهم ملك إلخ لئلا يتوهم أن ضمير النصب فى أعيبها لكل سفينة لقربه ، لكن توهما ضعيفا ، ولأن اعتراض موسى فى خرقها الذى يعيبها وللإيذان بأَن السبب الأقوى فى عيبها بالخرق وهو المسكنة لا الغصب ، فإنه ليس يمنع عن الملك السفن مطلقا ، والله أعلم .