Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 86-86)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ } منتهى الأرض من جهة المغرب ، ساحل البحر المحيط الغربى ، وفيه الجزائر الخالدات ينبت فيها الزعفران وغيره بلا حرث ، ومنها يؤخذ الأطوال والأغراض ، وهل المغرب أفضل من المشرق ، ولذلك ابتدأ به ذو القرنين ، ولقربه منه ، ولحركته الشمسية ، وذلك قول المغاربة ، وقال المشارقة : المشرق أفضل . قال السيوطى : لا قطع بتفضيل إِحدى الجهتين على الأخرى لتعارض الأدلة ، والخلاف فى غير مكة والمدينة ، وبيت المقدس ، فالثلاثة أفضل إجماعا . { وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِى عَيْنٍ حَمِئَةٍ } ذات حمأة ، وهى الطين الأسود . يقال : حمئت البئر تحمأ إذا كثرت حمأتها . سأل معاوية كعب الأحبار : أين تجد الشمس تغرب فى التوراة ، فقال : سل أهل العزيمة ، فإنهم أعلم بها ، وأما أنا فإنى أجدها تغرب فى التوراة فى ماء وطين ، وأشار بيده نحو المغرب ، فقال ابن حاضر : عندى ما يؤدى ، فقال ابن عباس : ما هو ؟ قال : قول تبع فى ذى القرنين : @ فرأى مغرب الشمس عند غروبها فى عين ذى خلب وتلط حرمد @@ قال ابن عباس : ما الخلب ؟ قال : الطين ، قال : فما التلط ؟ قال : الحمأة ، قال : ما الحرمد ؟ قال : الأسود ، فأحضر ابن عباس غلامًا يكتب ذلك ، ومعنى غروبها فى عين حمئة أَنها عندها فى رأى العين ، أو تغرب فيها بالتوهم ، كما ترى تطلع من البحر أو الأرض ، وتغرب فى أحدهما ، والعين الحمئة : البحر ، فإنه عند الله كالقطرة ، وزعم بعض أنها تغرب من الماء شتاء فى الليل ، فيكون سخنًا لطول الليل ، بخلاف ليل الصيف ، والحق أنها لا تزال فى السماء تغيب عن موضع ، وتطلع على موضع . ومعنى سجودها عند العرش فى الحديث : سجودها وهى جارية فى موضع مخصوص ، تحت موضع مخصوص من العرش ، لأن العرش محيط بالأرض كلها ، وهى أبداً تحته ، أو شبه غاية انحطاطها كل ليلة بالسجود ، وذلك الانحطاط هو مستقرها ، ولا يصح ما قيل : إنها تسجد تحت العرش فوق السموات السبع ، تسرع سرعة الملائكة ، وترجع إلى موضعها فى وقت الفجر ، لأن العيان ينكر ذلك ، ومعاينة شأنها صريح فى بطلان ذلك كما يأتى قريبًا بعض ذلك ، بل الخليل رصدها فى منارة الإسكندرية ، فرأى الشفق الأبيض ينتقل من حيث غربت ، من موضع إلى موضع فى المغرب ، والشمال والمشرق ، حتى طلعت من المشرق ، والله قادر . ومعنى مسيرها تحت الأرض : أن الأرض حالت بينها وبين أصحاب كل ليل ، وسترتها وهى أكبر من الأرض بأضعاف فيما قيل ، وفى بعض الآفاق تبقى الشمس ظاهرة ستة أشهر ، وتغرب عنها ستة أشهر ، كما فى أُمتى عرض تسعين ، وتغيب مقدار ساعة ، ويظهر نورها من قبل المشرق فى بعض العروض ، كما فى بلغار . وذكر ابن عساكر أنه صلى الله عليه وسلم قال : " سخونة الماء شتاء لطول مكث الشمس فى الأرض فى الليل وإذا كان الصيف أسرعت فيبرد الماء " والله أعلم بصحة الحديث فى هذا . { وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا } عند تلك العين ، على ساحل البحر ، ولباسهم جلود السباع ، وطعامهم ما يلقيه البحر ، وهم ناس لا يحصيهم إِلا الله ، أو قوم من ثمود ، يسكنون جابرسا ، وبالسريانية جرجيا ، والجمهور على أنهم كافرون ، وقيل : بعضهم مؤمنون . { قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذَّبَ } أى تعذبهم بالقتل من أول الأمر { وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا } أمراً ذا حُسن ، أو أمراً حسنًا بفتح السين ، أو نفس الحسن بالإسكان ، وهو أن لا تقتلهم حتى تدعوهم إلى الله عز وجل ، فيأبوا ، واستدل بالآية على أنه نبى ، وأجيب بأن القول بواسطة ملك أو نبى ذلك العصر أو بإلهام ، واعترض بأَنه لا يجترأ على القتل بالإلهام . قلت : بلى . لأن صاحبه يتوثق ، وأما أن يستدل على الجواز بذبح إبراهيم ولده ، فلا لأن رؤيا الأنبياء وحى ، ولم يقل : وإما أن تدعوهم تلويحا بتفضيل الدعاء إلى الله على القتل أول مرة ، بأن ذكره بلفظ الحسن .