Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 93-94)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ } الجبلين ، يسمى الجبل والحاجز سدًّا ، لأنه سد فجًّا من الأرض ، أو سميا سدين لأنهما جاورا السد الذى بناه ، فباعتبار ذلك بعد بنائه على ظاهره ، وباعتباره قبل بنائه من مجاز الأوْل ، والسد بالضم الشئ الحاجز ، وهو قول الخليل وسيبويه أنه الاسم ، وقول ابن إسحاق إنه ما رأته عيناك ، وقول عكرمة وأبى عمرو بن العلاء ، وأبى عبيدة : إنه ما كان من خلق الله ، والمفتوح عمله ، وهو قول الخليل وسيبويه أنه المصدر ، وقول ابن إسحاق إنه ما لا تراه عيناك ، لأن العمل لا يرى ، وإنما يرى العامل . وقول عكرمة وأبى عمرو وأبى عبيدة : إنه عمل البشر ، وأجاز الكسائى الفتح فى الحاجز ، كما تدل له قراءة الفتح ، وبين مفعول لبلغ أو يقدر بلغ ما أراده بين السدين ، وهما فيما يقرب من عرض تسعين فى منتهى الشمال ، وقد وصل إليها رجل بأمر الواثق بزاد ، وأمر بمراعاة من يصلهم من أهل المالك إياه حتى يصله ، وأعانه فى ذلك صاحب السرير ، وهو سلطان المسقو ، وجرى فى أرض منتنة وأنفذوا معه رائحة لا بد منها لداخل تلك الأرض ، ووصل ووجد عنده قومًا يقرءون القرآن ، ولغتهم عربية ، ووجد هناك بقية ما يبنى به من لبن الصخر المنجور ، والحديد وراءه طرائق ولا بأس بذلك ، وثقات المؤرخين ضعفوه وكذبه بعض المحققين . وروى ابن جرير ، وابن مردويه عن أبى بكرة الشعبى أن رجلا قال : يا رسول الله ، قد رأيت سد يأجوج ومأجوج قال : " انعته لى ؟ " قال : كالبُرد المحبر طريقة حمراء ، وطريقة سوداء ، قال : " لقد رأيته " والظاهر أنه رآه فى اليقظة لا النوم ، وقولهم : إنهم يقرءون القرآن ، وأن لغتهم عربية يرده قوله تعالى : { وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً } لأن الذين لغتهم ذلك بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بعد بناء السد ، وما ذكره الله قبل بنائه ، لا يكادون يفقهون قولا من لغة ذى القرنين وجنوده لغرابة لغتهم ، وقلة فطنتهم ، وأجاز بعض أن يكون القول الفهم مطلقاً ، ولو بالإشارة أو ما من شأنه أن يقل ليشمل الإشارة ونحوها ، ونفى كاد كغيرها ، فمعنى كاد يفعل قرب أن يفعل ، ومعنى ما كاد يفعل ما قرب أن يفعل ، وقد يفعل بعد قربه ، وقد لا يفعل ، ودونهما ما يلى غير أرض يأجوج ومأجوج ، والقوم الترك أو غيرهم . قيل : سمى الترك لأنهم من داخل ما سد غابوا فسد المحل عنهم لا قوم من الجن كما قيل ، والمراد على كل حال بكونهم ، لا يكادون يفقهون تعسر فهمهم جداً لا امتناعه بالكلية ، لقوله تعالى : { قَالُوا } أى ولو بإشارة ، ويحتمل أنهم قالوا بواسطة مترجمهم ممن جاورهم ويقرب له الفهم عنهم على التجوز فى الإسناد ، ويدل له أن فى صحف ابن مسعود وقال الذين من دونهم أو أفهمه الله عز وجل كلامهم ، فيكون ذلك من الأسباب التى هيَّأها الله له . { يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ } من ولد يافث بن نوح عن وهب ابن منبه وغيره ، وكثير من المتأخرين ، وقيل : سار يافث إلى المشرق ، فولد له جومر ، وينرش ، وأشاروا سقويل ، ومياشح فمن جومر الصقالبة والروم وأجناسهم ، ومن مياشح العجم ، من أشار يأجوج ومأجوج ، فجاء ذو القرنَيْن فبنى السد ، وبقوا خارجين . وروى عبد الرزاق عن قتادة : أن يأجوج ومأجوج اثنتان وعشرون قبيلة بَنَى ذو القرنين السد على إحدى وعشرين ، وكانت واحدة خارجة للغزو ، فبقيت خارج السد ، وسميت الترك ، وقيل : يأجوج من الترك ، ومأجوج من الديلم ، وقيل : من الجيل ، وعن كعب الأحبار : احتلم آدم فاختلطت نطفته بالأرض ، فتولد منها يأجوج ومأجوج ، ونسب للجمهور ، واعترض بأن الأنبياء لا تحتلم ، وأجيب بأنه احتلم بزوجه ، وهذا جائز عليهم ، وقد لا نسلم هذا . ويجوز أنه احتلم من غير أن يرى أنه يجامع ، كما يقع لذريته ، ويعترض أيضًا بأنه يلزم أن يكونوا قبل الطوفان ، ولم يهلكوا بالطوفان ، وأجيب بأن عموم الطوفان غير متفق عليه ، وجاء الحديث : " إنهم من ولد نوح عليه السلام " وعن أبى هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ولد لنوح ثلاثة : سام وحام ويافث ولد لسام العرب وفارس والروم ، وولد لحام القبط والبربر والسودان ، وولد ليافث يأجوج ومأجوج والترك والصقالبة " وفى السفر العاشر من السفر الأول من التوراة : أن يأجوج من ولد يافث والبطنان عجميان منعا الصرف للعلمية والعجمة ، وقيل عربيان ، فمنعهما بالعلمية للعلمية ، وتأنيث القبيلة ويأجوج يفعول ومأجوج مفعول ، وألفهما عن همز كما همزهما عاصم ، والأعمش ويعقوب ، وهو لغة أسد من أحيج النار ، أو من الأجة وهو الاختلاف ، أو شدة الملوحة أو من أجّ الظليم إذا أسرع . وقيل : الألف زائدة من يججت ومججت ، قال قطرب يأجوج فاعول من اليج ، ومأجوج فاعول من المج . { مُفْسِدُونَ فِى الأَرْضِ } بأنواع الفساد كالقتل والتخريب ، وأخذ الأقوات يخرجون أيام الربيع ، فلا يدعون رطبًا إلا أكلوه ، ولا يابسًا إلا حملوه ، وكالقتل وأكل الناس . { فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجَا } بسبب إفسادهم ، كما دلت عليه الفاء ، والخرج الجعل ، وأصله مصدر يطلق على ما يعطى على الرءوس ، أو الأرض كالخراج ، وقيل الخرج على الرءوس ، والخراج على الأرض والشجر والبناء ، وقيل : الخرج ما تبرعت به ، والخراج ما لزم . وقيل : الخرج ما يخرج مرة ، والخراج ما يتكرر . { عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا } يمنعهم من الوصول إلينا .