Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 47-47)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قال } كأنه جواب سؤال عما قال إبراهيم { سلام عليك } سلام موادعة ، ومقابلة السيئة بالحسنة ، أى لا يصيبك منى ما يؤذيك من دعاء إلى الخير ، إذ لم تقبل منى كقوله تعالى : { لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغى الجاهلين } [ القصص : 55 ] إلا أنه هنا ما ذكر الجهل ، وقيل تحية مفارقة بناء على جواز أن يبدأ المسلم الكافر بالسلام ، وهو مذهب سفيان بن عيينة ، مستدلا بقوله تعالى : { لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين } [ الممتحنة : 8 ] وقوله تعالى : { قد كانت لكم أسوة حسنة فى إبراهيم } [ الممتحنة : 4 ] الآية ، ويرده أن ذلك مقيد بما فى صحيح مسلم ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام " وقد يخالف شرع إبراهيم فى هذا شرعنا . { سأستغفر لك ربى } أن يوفقك إلى التوبة ، ووفى بهذا الوعد بعد ، كما قال الله عز وجل عنه : { واغفر لأبى إنه كان من الضالين } [ الشعراء : 86 ] { وما كان استغفار ابراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه } [ التوبة : 114 ] أى وعدها لأبيه لا كما قيل وعدها أبوه له أن يؤمن بالله والاستغفار ، بمعنى طلب الهداية ، ولما تبين له أنه قضى الله أن لا يؤمن ، وجب عليه أن لا يطلب له الهداية ، إلا أنه إذا كان الاستغفار بمعنى طلب الهداية ، فهو جائز لكل غاسق أو مشرك ما لم يمت ، ويجىء الوحى أنه لا يؤمن أحاديث : " اللهم اهد قومى فإنهم لا يعلمون " ومشهور مذهبنا فى المغاربة منع ذلك . وقد يكون الاستغفار على ظاهره مبنياً على اشتراط الاسلام مثل أن يقول : الله اغفر له على أن يتوب وإما أن تقول فيمن ظهر لك موجب ولايته ، اللهم اغفر له إن كان سعيداً أو موجب براءته اللهم العنه ، إن كان شقيا ، فلا يجوز على المشهور ، بل تتول أو تتبر بلا اشتراط لذلك ، واتفقوا على أن لا اشتراط فى المنصوص عليه ، والمذهب الصحيح أن لا يستغفر للمشرك مطلقاً إلا إن جاء الوحى أنه سيؤمن ، وكل من علمت بشركه فقد تبين لك أنه من أصحاب الجحيم بحسب الظاهر لك ، ولا تكلف الغيب . { إِنه كانَ بى حفياً } عظيم البر والإكرام لى ، وكثيره ، والجملة تعليل لما قبلها ، وبى متعلق بحفياً ، قدم للفاصلة والاهتمام الذى علمه الله من إبراهيم ، ولا يخفى ما فى كلام إبراهيم من الرحمة كما هى شأن الأنبياء كلهم ، وخصوصا للأقارب ، وخصوصاً من الأقارب الأبوين اداء لبعض حقوقهما كما هنا ، وإن كان عماً ، فالعم كالأب .