Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 4-4)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ومما يناسب الخفاء حذف حرف النداء فى قوله : { قالَ رَبّ } وهذا جملة مستأنفة جواب لقائِل ما نداءه الخفى ، أَو مفسرة لنادى ربه نداء خفياً { إِنى وَهَنَ } ضعف { الْعَظْمُ مِنِّى } أَفرد لإرادة الجنس ، فشمل عظامه كلها ، لأن كل فرد منها يصدق عليه أَنه عظم ، والعظم دعائم البدن ، فإِذا ضعف ضعف البدن ، فيجوز أَن يجوز ضعفه كناية عن ضعف البدن ، وعن قتادة : العظم السن ، ووهنها سقوطها ، ولا دليل له على هذا التخصيص ، ولو كان له وجه ، وهو أَن ذلك من شأن كبار السن ، وأن من شأنه ضعف البدن لانتفاء أكله ما يؤكل بالأسنان ، وأيضا سقوط الأسنان ليس وهن لها ، بل انتفاؤها من الفم ، ولو كان سقوطها لسبب الوهن ، ولم يقل : ومن عظمى ، مع أنه أقل حروفا لعدم التفصيل بعد الاجمال فيه ، بخلاف ما إِذا قال وهن العظم ، وقال بعده : " منى " بالتفصيل ، ولأن العظم أدل على الجنسية من عظمى ، ولا يخفى ما فى كمال الرغبة إِذ نادى المنعم عليه المربى ، وأدخل أن وقال منى ، ونسب الوهن للعظم الموجب وهنه ، وهن باقى البدن ، وزاد بذكر الشيب ، وما بهذه إلى رضيا . { وَاشْتَعَلَ الرأْسُ شَيْباً } تمييز محول عن الفاعل بمعنى انتشر شيب الرأس ، ولا حاجة إلى دعوى أن شيباً مفعول مطلق ، وإن اشتمل بمعنى شاب ، شبه الشيب بشواظ النار لجامع عدم السواد فيها ، وثبوت بعض بياض فيها ، وشبه انتشاره فى الشعر باشتعالها لجامع التنقل ، ففى اشتمل استعارة تصريحية تبعية ، وفى الشيب مكنية ، والتحقيق جواز انفكاك المكنية عن التخييلية ، كما بينته فى شرحى على شرح عصام الدين ، وبيان البيان ، وفائدة بناء الكلام على التمييز إفادة العموم ، إذ لو قيل : اشتعل شيب الرأس لم يعد العموم ، مع أنه مراد ، كما إِذا قلت : اشتعل البيت ناراً ، أفاد العموم تصرحياً ، وإذا قتل : اشتعل نار البيت لم يفده ولو أريد بالنية . { ولم أَكُن بدُعائك } بطلبى لك أن تفعل لى كذا { ربِّ شقياً } تعباً بلا فائدة فيما مضى من عمرى ، فأحسن إلى بالولد ، كما أحسنت إلى فى ما مضى بالإِجابة ، ولا سيما أنى الآن أشد احتياجاً منى فيما مضى وهذا كما سأل سائل معاوية ، أو معن بن زائدة ، أو حاتما الطائى فقال : بم تتوسل إلىَّ ؟ فقال : بإِعطائك إِياى وقت كذا ، فقال مرحباً بمن توسل بنا إِلينا ، فأعطاه وكما ذكر لفظى الربوبية المشعر بتقدم إنعام سابق وإفاضة ما فيه صلاح المربوب ، مع الإِفاضة إلى المربوب ، وذلك أولى من أن يكون المعنى لم أكن بدعائك إياى إلى الطاعة شقياً بتركها ، أو مفسداً لها بالرياء ، بل عبدتك مخلصاً ، إِذ ليس فيه تصريح بالرغبة ، ولو تضمنها بذكر موجب القرب ، وهو الدعاء إلى الطاعة . وذكر الربوبية . روى أن موسى عليه السلام قال : يا رب ، فقال الله جل جلاله : لبيك يا موسى ، فقال موسى : أهذا إلى خاصة ؟ فقال الله تبارك وتعالى : لا ، ولكن لكل من يدعونى بالربوبية ، وروى أن العبد إذا قال : يا رب قال الله : لبيك يا عبدى .