Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 58-58)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أولئك } إشارة ببعد علو المرتبة إلى المذكورين فى السورة الكريمة { الَّذِين } خبر على حذف مضاف ، أى بعض الذين ، لأن الله تبارك وتعالى أنعم أيضا على غير من ذكر فى السورة من سائر الأنبياء وغيرهم ، أو نقول الحصر إضافى بالنسبة الى غير الأنبياء جعل نعم غير الأنبياء كلها نعمة بالنسبة الى نعمة من ذكر فيها ، قيل أو أولئك منصوب على المدح ، والذين تابع أى أمدح أو أعظم الذين ولا تضع الى مثل هذا ، إذ لا دليل عليه . { أنعَم الله عليْهِم } بنعم الدين والدنيا والآخرة { من النَّبيِّين } من للبيان للموصول ، أو لهائه أو للتبعيض حال من أحدهما ويندفع إشكال الحصر ، جعل من النبيين خبر أولئك ، والذين تابع ، وفائدة الإخبار أن لله أنبياء كثيرين وما هو إلا بعضهم ويجعل الخبر قوله { من ذرِّية آدم } وفائدته ما عطف عليه بمعنى أنهم من آدم ونوح الخ ، وبالحصر على طريقة العرب فى المبالغة ، ودعواها كما يقولون : الرجل هو زيد مع معرفتهم بوجود مثل زيد ، وأعظم عنه ، وبجعل الإشارة الى الأنبياء كلهم على طريق الاستخدام ، أو بجعل الخبر إذا تتلى عليهم الخ ورجحه بعض المحققين . وقيل : من للبيان ، وهى ومدخولها بدل من قوله : { من النبيين } بدل بعض من كل ، على أن المراد بالذرية الأنبياء خاصة ، وهى غير شاملة لآدم ، وفيه إطلاق البعض على الكل إلا واحداً ، وأصل إطلاقه أن يكون للقليل أو للنصف ، ومع بعده هو خال من الرابط ، وقيل تبعيضه ، لأن المنعم عليه أخص من الذرية من وجه لشمولها بناء على الظاهر المتبادر عنها ، غير المنعم عليه دونه . { وممَّن حمَلْنا مع نُوحٍ } ومن ذرية من حملنا مع نوح ، وهم سام وحام ويافث ، إذ لم يلد غيرهم ممن فى السفينة ، ولا ممن لم يعرفون أن ولد نوح الثلاثة بعد الطوفان فهم فى صلبه معه فى السفينة ، والمراد من عدا ، أنه إدريس ، لأنه قبل نوح عليهما السلام ، وأجمعوا أن إبراهيم من ذرية سام . { ومن ذرية إبراهيم } وهم الباقون وأنت خبير بأن هوداً أو صالحاً عليهما السلام قبل إبراهيم ، فهم من ذرية نوح { وإِسرائيل } يعقوب ، أى ومن ذرية إسرائيل كموسى وهارون وزكرياء ويحيى وعيسى فأولاد البنات من الذرية ، لدخول عيسى ولا أب له ، وجعْل إطلاقها عليه مجازاً بطريق التغليب خلاف الظاهر . { وممَّن هَدينا واجْتَبيْنا } عطف على من ذرية آدم ، ومن للتبعيض ، أى ومن جملة من هديناهم الى الحق ، واخترناهم للكرامة والبنوة ، أو عطف على من الذين ، ومن للبيان ، وفيه أن ظاهر العطف المغايرة ، فيحتاج الىأن يقال المراد من جمعنا له الهداية والنبوة والاجتباء للكرامة ، وهو خلاف الظاهر . { إذا تُتْلى عَليهمْ آياتُ الرَّحْمن خروا سُجَّداً وبُكياً } استئناف أو خبر ثان لأولئك ، وهما جمعا ساجد وباك ، وأصله بكوياً ، قلبت الواو ياء وأدغمت ، وكسر ما قبلها ، وذلك كشاهد وشهود ، وقاعد وقعود ، وجالس وجلوس ، وحالية سجداً مقدرة ، على أن السجود كون الجبهة فى الأرض وأما على أنه الانحناء إليه فمقارنة وحالية بكياً مقارنة والسجود كسجود الصلاة ، أو الخضوع ، والخشوع أو الصلاة وهو ضعيف أو سجود التلاوة إذا قرأ آياتها عليهم ، فالمراد آيات السجود ، وهو لا يتبادر فضلا عن أن يستدل بالآية على وجوب سجود التلاوة ، والصحيح آيات القرآن مطلقا والكتب الإلهيات قبله ، والسجود الخضوع وقيل آيات العذاب ، وقيل الجنة والنار ، والوعد والوعيد . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اتلوا القرآن وابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا " رواه ابن ماجه وإسحاق بن رواهويه ، والبزار عن سعد ابن أبى وقاص ، وقرأ عمر رضى الله عنه سورة مريم ، فسجد ثم قال هذا السجود فأين البُكى ، أى أين الذين يبكون كما فى الآية ، رواه الطبرى وابن أبى حاتم والبيهقى بياء مشددة مصدر فى كلام عمر ، ولا يتعين به ، ولا يقرب أن يكون فى الآية مصدراً وينبغى أن يدعو الساجد بما يناسب آية السجود التى تلاها ، فيقول هنا : اللهم اجعلنا من عبادى المنعم عليهم ، المهتدين الساجدين لك ، الباكين عند تلاوة آياتك ، وفى الإسراء : اللهم اجعلنا من الباكين إليك ، الخاشعين لك ، وفى تنزيل السجدة : اللهم اجعلنا من الساجدين لوجهك ، المسبحين بحمدك ، ورحمتك ، وأعوذ بك أن أكون من المتكبرين عن أمرك ، وفى الحج : اللهم لا تهنَّا وأكرمنا ، واجعل بنا من الخير ما أنت أهله ، ولا تفعل بنا من الشر ما نحن أهله .