Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 68-68)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فوربَّك } أقسم بلفظى الرب مضافاً الى رسول الله صلى الله عليه وسلم رفعاً لشأنه ، وتحقيقاً للأمر { لنحشرنَّهُم } لنجمعن القائلين : أئذا ما مت الخ الى جهنم ، واختار أبو حيان أن الضمير للناس كافريهم ومؤمنيهم وإن منكم إلا واردها ، وترى كل أمة جاثية ، والأول أولى ، لكن يقال : الأول مفرد وهو الإنسان ، فكيف يرد إليه ضمير الجمع ، فأما على أن الإنسان جماعة بالأوجه السابقة ، فلا اشكال ، وأما على أن المراد واحد ، فلأنه مشعر بأن له أتباعاً ، فرجع الضمير إليه معهم ، وفى ذكر الحشر دون البعث مع أنه بعد البعث تلويح ، بأن البعث أمر واضح لا يحتاج الى التصريح به ، وإنما يحتاج الى ذكر ما بعده ، ويجوز أن يراد بالحشر البعث . { والشياطين } عطف على الهاء ، أو مفعول معه والمراد أنهم يحشرون هم والشياطن الذين أغووهم ، فينتقم منهم جيمعاً ، ويزداد تحسرهم باتباعهم ، أو المراد يقرنون كل إنسان وشيطانه فى سلسلة ، ويضعف التفسير بحشر الناس كلهم مؤمنيهم وكافريهم ، المؤمن مع شيطانه ، بلا قرن فى سلسلة ، والكافر مع شيطانه مقروناً معه فى سلسلة ، وهذا وارد فى الحديث ، لكن لا تفسر به الآية . روى البخارى ومسلم ، عن ابن مسعود رضى الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " ما منكم من أحد إلا وكل به قرينه من الجن " قالوا وإياك يا رسول الله ؟ قال : " وإياى إلاَّ أن الله تعالى غلبنى عليه " " ويروى أعاننى عليه ، فأسلم ولا يأمرنى إلا بخير . { ثمَّ لنُحضِرنَّهم حَوْل جهنَّم } وأما عموم الجثو فى قوله تعالى : { كل أمة جاثية } [ الجاثية : 28 ] فليس فى خصوص حول جهنم { جثياً } باركين على الركب جمع جاث ، كشاهد وشهود ، أصله جثو بواو مشددة ، قلبت ياء مشددة ، وكسر ما قبلها لثقل واوين بعد ضمتين ، وثقل ياءين بعد كسر دون ذلك الثقل ، ولو كان فيه الانتقال من ضم إلى كسر ، وزعم بعض أنه كسرت الثاء فقلبت الواو والأولى ياء ، فاجتمعت ياء واو ، وسكن السابق فقلبت ياء ، وأدغمت فيها الياء ، وقيل مصدر بوزن قعود ، فلحقه الإعلال ، فأول بالوصف أو تقدير مضاف ، وقيل الحساب حول جهنم ، فيبحثون للخصام ، ثم يتبرأ بعض من بعض . وقيل : يجثون لضيق المقام بهم ، وقيل لما دهاهم حتى لا يطيقون القيام من هول المطلع ، وقيل الجثو للمجموع لا للجميع فمنهم من لا يجثون وهو حال مقدرة ، لأن بروكهم حولها عقب الإحضار لا مقترن بالاحضار وبعد الحساب ، وبعد وجودهم فى المقام ضيقاً ، وفى إحضارهم كذلك إهانة لهم ، ولكن إن رد الضمير للناس كلهم فالمؤمن لا تلحقه إهانة ، اللهم إلا صورتها من شدة الهول ، وفى جمعهم حول جهنم فوت الصراط المدود ، الذى يرويه قومنا ، وما صراط الجحيم إلا طريقهم الى حولها ، وذلك حسن وحكمة لك زيادة الحسرة على الكافر ، وزيادة الفرج للمؤمن إذا رأى ما نجاه الله منه ، وأهلك به عدوه ، وقيل يجثون باخيتارهم تذللا لله ، ولات حين عمل ، وعن ابن عباس : جثياً جماعات على أنه جمع جثوة وهو المجموع من تراب أو حجارة ، أو تمر ، أو غير ذلك .