Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 76-76)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ويزيدُ الله الَّذينَ اهْتَدوا هُدًى } عطف قصة على أخرى لبيان حال المهتدين أشر بيان حال الضَّالين ، ولا يقال عطف على قوله : { فليمدد له الرحمن مداً } [ مريم : 75 ] رابطا عائداً الى المبتدأ ، وهو من ولا معنى للعطف أيضا ، لأنه لا يصح أن يكون فى موضع المعطوف عليه ، إذ لا يتجه أن يقال من كان فى الضلالة ، يزيد الله الذين اهتدوا هدى ، اللهم إلا إن اعتبر معنى قولك من كان فى الضلالة ، زيد فى ضلالة ، وزيد فى هداية أعدائه ، لأنه مما يغيظه ، ولا يخفى بعد ذلك ، وعدم تبادره وإلا أن يعتبر الوجه المرجوح ، وهو أن لا يعود الضمير من الجواب الى اسم الشرط بأن الراجح عوده ، فقولك من قام فانى مكرم له أولى من قولك من قام ، فزيد قائم وكلاهم جائز . ولا ضعف فى قولنا عطف قصة على أخرى ، مثل أن تعطف على مجموع من كان فى الضلالة الخ فيتم التقابل ، لأنه أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يجيبهم عن قولهم أى الفريقين ، كأنه قيل : قل من كان فى الضلالة من الفريقين ، فليمدد له الله تعالى ، وينفس فى حياته ليزيد فى الغى ، ويجمع له عذاب الدارين ، ومن كان فى الهداية منهما يزد الله تعالى هداته ، ويجمع له خير الدارين . { والباقيات الصالحات } الأعمال الباقيات الصالحات مطلقاً ، وقيل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر { خَيْر عنْدَ ربِّك ثَواباً } من مال الكفار ، وما يفتخرون به ، أو مما يعده الكفار ثواباً لهم فى الآخرة ، وهو أن ينفعهم ما يعبدون ، أو سمى عقابهم ثواباً تهكماً بهم ، وجعل ثواب المسلمين خيراً منه ، على أن معنى ثوابهم فى حسنه أشد من عقابهم سوئه ، ولا إشكال فى ذلك ، فان فى العذاب شدة كما فى الثواب ، فقال : شدة الثواب أعظم من شدة العقاب ، بناء على أن رحمته سبقت غضبه ، فتبنى على ذلك شدة كقولك : الخل أحمض من العسل ، بمعنى أنه فى حموضته أشد من العسل فى حلاوته . وكذلك الإسلام فى حسنه أشد من الكفار فى قبحه ، ويقرب من ذلك قوله تعالى : { أذلك خير أم جنة الخلد } [ الفرقان : 15 ] وجعل بعضهم الآية من باب يوسف أحسن الإخوة ، بمعنى أن لهم زيادة فى الخير بقطع النظر عن الكفر ، وعدم اعتباره ، وهذا فى آية السورة هذه ، وليس كذلك ، بل يوسف أحسن الإخوة ، يحتاج الى ما قلنا فى الآية ، أو تأويل أحسن بحس ، أو خير جاء على طريق المشاكلة لقولهم شر مكاناً . { وخيرٌ مَرداً } فيه ما فى الذى قبله ، والمراد المرجع والعاقبة ، وهو الخير الدائم وعاقبة الكفر الشر اللازم ، والجملة ليست من مقول القول لقوله : { عند ربك } وفيها تتميم لقوله تعالى : { ويزيد الله الذين اهتدوا هدًى } وتسلية عن مفاخرة الكفار كما أن قوله تعالى : { حتى إذا رأوا } الى قوله : { جنداً } تتميم لوعيدهم ، وكلاهما تتميم للأمر بالجواب عن قولهم ، أى الفريقين ، وقيل الجملة من مقول القول وعند ربك خطاب منه صلى الله وسلم لبعض الكفار ، وكلهم ذلك البعض على سبيل البدلية .