Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 151-151)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنْكُمْ } معشر العرب ، شرفاً لكم ، إذ لم يكن من غيركم ، ولا تقدرون أن تأخذوا الأحكام والوحتى عن الملَك ، يعنى محمداً صلى الله عليه وسلم ، ولأتم نعمتى عليكم إتماماً شبيهاً بإرساله فى الإتمام به للنعمة ، ويجوز أن يعود إلى قوله { فاذكروني } [ البقرة : 152 ] أى اذكرونى ذكراً مثل ذكرى لكم بالإرسال ، أو اذكرونى بدل إرسالنا فيكم رسولا ، فالكاف للمقابلة ، وذكر الإرسال وإرادة الإتمام من إقامة السبب مقام المسبب { يَتْلُوْا عَلَيْكُمْ ءَايَٰتِنَا } أى القرآن الذى هو معجزة دائماً لا يمل { وَيُزَكِّيكُمْ } يطهركم من الشرك والمعاصى ، أو يعلمكم ما تكونون به أزكياء { وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَٰبَ } أى القرآن ، ذكره أولا بلفظ الآيات باعتبار معانيه التى هى مدلولها ، وثانياً بالكتاب باعتبار ألفاظه { وَالْحِكْمَةَ } ما فيه من الأحكام ، تخصيص بعد تعميم ، أو السنة { وَيُعَلِّمُكُمْ مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ } من أخبار الأمم وأنبيائهم والحوادث ، ولم يقل ويعلمكم الكتاب والحكمة وما لم تكونوا تعلمون بلا إعادة ذكر يعلمكم ليدل على أن هذا التعليم نوع آخر ، ولو قلنا ما لم تكونوا تعلمون هو الكتاب والحكمة وعطف ، لأن تغاير الصفة كتغاير الذات ، فإن مفهوم ما لم تكونوا تعلمون غير مفهوم الكتاب والحكمة ، ولو اتحدت ما صدقاً ، وقدم التزكية لأنها تخلية عن التعليم لأنه تحلية ، ولأنها غاية التعليم متقدمة فى القصد ، كما قالوا فى الغاية المقصودة من الفعل هى أول الفكر وآخر العمل ، كالماء غاية يقصد بالحفر ويحصل بعده وقد قصد قبل الحفر ، وقدم التعليم فى دعاء إبراهيم : ربنا وابعث فيهم … الخ باعتبار أن التزكية تحصل بعد العلم ، وهو بعد التعليم : وقيل : التزكية عبارة عن تكميل النفس بالقوة العملية ، وتهذيبها المتفرع عن تكميلها بالقوة النظرية الحاصل بالتعليم المترتب على التلاوة ، ووسطت بين التلاوة والتعليم إيذاناً بأن كلا من الأمور المترتبة نعمة على حدة توجب الشكر ، ولو روعى ترتيب الوجود كما فى دعوة إبراهيم لتوهم أن كلا نعمة واحدة .