Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 83-84)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَٰقَ بَنِيّ إِسْرَاءِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللهَ } إما مفعول لأخذنا لتضمنه معنى قلنا ، واللفظ نفى ، والمعنى نهى ، وحكمته الحث على المسارعة للامتثال ، حكى أنه قد امتثل فأخبر عنه ، وصونا للكلام عن الكذب إن كان بصيغة الإخبار فلم يمتثل فلا حاجة إلى تقدير قلنا ، ووجه ذلك ، أن أمر الله عز وجل بشىء أو نهيه عنه أخذ للميثاق ، ولو لم يقل المأمور والمنهى نعم ، وإما جواب للقسم الذى هو الميثاق ، ومقتضى الظاهر على هذا لا يعبدون بالتحتية ، وإما تفسير لأخذ الميثاق ، وهكذا فيما يأتى من القرآن تتصور فيه هذه الأوجه { وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَٰناً } أى أحسنوا ، أو تحسنون بالوالدين إحساناً أى أحسنوا ، أو استواصوا بالوالدين ، أى بالوالد والوالدة ، فغلب المذكر ، ويبعد تفسير الميثاق هنا بميثاق ألست بربكم ، والآية مفصحة بعظم الإحسان إلى الوالدين ، إذ قرن بطاعة الله تعالى { وَذِي الْقُرْبَى } القرابة كالرجعى بمعنى الرجوع { وَالْيَتَٰمَى وَالْمَسَٰكِينِ } أحسنوا إلا هؤلاء بالمال والخدمة والنفع بالجاه والبدن والرفق وتعليم العلم ، والأمر بالمعروف ، والنهى عن المنكر ، وهم على ذلك الترتيب ، فالله أحق ، لأنه الخالق المنعم ، وحقه أعظم من كل حق ، ثم الوالدان لأنهما سبب وجود الولد ، ومتلقيان المشاق فى الولد ، ثم ذو القربى ، لأنه بواسطتهما ، والرضاع لُحمه كالحمة النسب ، ثم اليتيم لأنه أصعف لصغره من المسكين ، مأخوذ من اليتيم بمعنى الانفراد ، كدرة يتيمة ، وهو من بنى آدم من مات أبوه قبل بلوغه ، ولا يتم بعد بلوغ ، ومن الدواب من ماتت أمه ، وفى الطير من ماتا عنه ، وقد يطلق على من ماتت أمه من الآدميين ، وأفرد الغريب لأن القربى مصدر يصلح للأكثر ، فتبعه المضاف ، وهو ذى ، والإشارة إلى أنهم كواحد ولو كثروا فلا تقصروا فى حقهم { وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً } بضم فإسكان ، أى حسنا بفتحهما ، أو ذا حسن ، وهو الأمر بالمعروف ، والنهى عن المنكر ، وتعليم الجاهل ، والصدق فى شأن محمد صلى الله عليه وسلم ، والقرآن ، والدعاء إلى التوحيد ، والرفق بهم بما يحبونه مما لا معصية فيه ليذعنوا ، وليس مما ينسخ { وَأَقِيمُوا الصَّلَٰوةَ } المفروضة عليكم فى التوراة { وَءَاتُواْ الزَّكَٰوةَ } على ما فرض عليكم فيها ، وهو ربع المال ، تنزل النار فتحرقه ، أو تأخذه ، أو شىء كالنار ، وذلك علامة قبوله ، ولا تحرق الحيوان ، وهذا خطاب لأوائلهم المأخوذ عليهم الميثاق ومن بعدهم ، والكلام فى ذلك لا فى المعاصرين لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأن معاصريه تجب عليهم الصلاة والزكاة على ما فرض عليه صلى الله عليه وسلم ، أمرناكم بما ذكر من إفراد الله بالعبادة ، وما بعده إلى إيتاء الزكاة ، وقبلتم { ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ } عن الوفاء { إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْكُمْ } وهو من اتبع التوراة والإنجيل قبل البعثة كعبد الله بن سلام { وَأَنْتُمْ مُّعْرِضُونَ } عن الوفاء . والآية كقوله { ولى مدبرا } [ النمل : 10 ] وقيل ، التولى الانصراف لحاجة مع ثبوت العقد ، والإعراض الانصراف بالقلب ، وقيل التولى الرجوع إلى ما كان أولا ، والإعراض أخذ طريق آخر ، والخطاب لمن قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأجيز أن يكون الخطاب بقوله " وأنتم معرضون " لمعاصريه ، أو المعنى معرضون عن الفكر فلا تأكيد ، أى وأنتم معرضون عن الوفاء بعهد التوراة ، والإنجيل قبل البعثة وقد وجب عليكم اتباعهما . وعن الوفاء بالقرآن بعد البعثة ، وقد وجب عليكم اتباعه بعدها ويضعف أن يقال ، معرضون عن الغضب على المتولين ، أو عن القليل الذين لم يتولوا ، بأن لم توالوهم وتحبوهم ، والأولى أن الخطاب للآباء ، لأن ما قبله وما بعده لهم ، باعتبار آبائهم ، وهو قوله : { وَإِذْْ أَخَذْنَا مِيثَٰقَكُمْ } أى اذكروا وقت أخذ العهد على آبائكم { لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ } أى لا يقتل بعضكم بعضاً ، أو لا تقتلوا أمثالكم . وجاءت العبارة بذلك ، لأنهم كنفس واحدة ، نسبا ودينا ، فمن قتل غيره كأنه قتل نفسه ، وأيضاً هو كمثل قتل نفسه بالقصاص لأنه تعرض لأن يقتص منه ، وكذا فيما أشبه هذا { وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ } لا يخرج بعضكم أنفس بعض ، أو من أخرج أخاه كمن أخرج نفسه ، لأنهم إخوة دينا ونسبا ، أو لا تفعلون ما يوجب سفك دمائكم ، وإخوانكم من دياركم ، أو لا تهلكون أنفسكم بالمعاصى ، كمن قتل نفسه ، بحيث لا يلتذ ، كميت ، إذ كان لا ينال لذات الجنة ، ولا تصرفونها عن دياركم فى الجنة { ثُمَّ أََقْرَرْتُمْ } اعتزمتم بأن ذلك الميثاق حق ، فقبلتموه ، ومن لازم ما يقربه أنه حق أن يقبل ، وثم لترتيب الأخبار باتصال ، أو فى الرتبة بالتراخى لأن رتبة الإقرار أقوى { وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ } على أنفسكم ، تأكيد لأقررتم فى المعنى ، أو أقررتم قبلتم وأنتم تشهدون على القبول ، أو أنتم معشر المعاصرين له صلى الله عليه وسمل تشهدون على إقرار أسلافكم لتوسط الأنبياء والرواة إليكم بينكم وبينهم ، وضعف بأن يكون حينئذ استبعاد الإجلاء والقتل منهم مع أن أخذ العهد والميثاق كان من أسلافهم .