Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 85-85)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ثُمًَّ أَنْتُمْ } يا معاصرى محمد صلى الله عليه وسلم { هَؤُلاَءِ } أخص هؤلاء ، أو يا هؤلاء ، أو أنتم المشار إليهم المعهودون ، كأنه قيل بماذا فأجيب ، بما بعد ، وأجاز الكوفيون ، أن هؤلاء بمعنى الذين ، فتكون صلته هى قوله { تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فََرِيقاً مِّنْكُمْ مِّن دِيَٰرِهِمْ } وذلك الإخراج بالاستعانة عليهم ، كما قال { تَظَٰهَرُونَ } تتعاونون { عَلَيْهِمْ بِالإِثْمِ } فعل ما يستحق به الذم ، أو نفس هذا الذى يستحق به الندم ، أو ما ينفر عنه { وَالْعُدْوَانِ } الظلم الشديد { وَإِنْ يَأْتُوكُمْ } ذلك الفريق الذين تخرجونهم من ديارهم وقت الحرب { أُسَٰرَى تُفَٰدُوهُمْ } بالمال أو بغيره ، كالرجال العرب فى المدينة وأعمالها . الأوس والخزرج واليهود قريظة والنضير ، وبنو قينقاع ، وكان بين الأوس والخزرج حروب ، فكانت اقريظة حلفاء الأوس والنضير حلفاء الخزرج ، ولم يكن بين اليهود محالفة ولا قتال ، وإنما يقاتلون لحفائهم ، فإذا أسرت الأوس والخزرج يهوديا فداه النضير وقريظة جميعا . وفى الحرب يقتل القريظى النضيرى والنضيرى القريظى ، ويخرب بعضهم دار بعض ، ويخرجه منها معاونه لحفائهم ، يقال لهم ، ما هذا ؟ فيقولون ، القتل والإخراج لأجل حلفائنا ، لانستذلهم ، وهو مخالف لما عهد فى التوراة ، ولذلك نفاديهم ، لأنا أمرنا بالفداء ، فأحلوا بعضا وحرموا بعضا ، فكأنهم حرموا جميعا ، وأما بنو قينقاع فلم يقتلوا ولم يخرجوا أحداً من داره ، ولم يظاهروا ، وضرب الجزية عليهم لأنهم لم يؤمنوا وبقوا فى ديارهم { وَهُوَ } أى الشأن { مُحَرَّمٌ } خير مقدم { عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ } مبتدأ ، أى الشأن أن إخراجهم من ديارهم محرم عليكم ، كما عاتبهم بقوله ، وتخرجون فريقا منكم من ديارهم ، حرم الله عليهم إخراج إخوانهم وقتلهم فى التوراة ، وفيها بعد ذلك ، وأيما عبد أو أمة وجدتموه من بنى إسرائيل فاشتروه بكل ما وجدتم واعتقوه { أَفَتُؤمِنُونَ } أتتعدون الحدود فتؤمنون { بِبَعْضِ الْكِتَٰبِ } التوراة ، وبعضها هو نداء من وجدوه منهم أسيراً عند الأوس والخزرج { وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ } ببعض الكتاب ، وهو ترك القتل والإخراج والمظاهرة ، وهم لم يتركوا القتل ، إذ يقتلون بعضهم بعضاً فى الحرب ، معاونة لحفائهم ، ولم يتركوا الإخراج ولا المظاهرة ، وفى الآية تنزيل ترك العمل بالكتابة منزلة الكفر ، أى الشرك فإنهم آمنوا بالتوراة كلها ، لكن نافقوا ، ومن لازِم لإيمان بالشىء العمل بمقتضاه بذلك ويحتمل أن ذلك فى دينهم شرك ، وفيه أن الشرك لا تختلف الشرائع فيه ، قيل : أو سمى ذلك شركا مبالغة ، أو المراد بالكفر كفر الجارحة وهى الفسق ، وقيل عن ابن عباس رضى الله عنهما ، عادة قريظة القتل ، وعادة النضير الإخراج ، فأجلى رسول الله صلى الله عليه وسلم النضير وقتل قريظة ، وأسر نساءهم وأطفالهم ، جازى كلا بما كان يفعل { فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ } ذل { فِي الْحَيَٰوةِ الدُّنْيَا } بقتل سبعمائة من قريظة فى السنة الثالثة عقب الأحزاب ، وأسر نسائهم وأطفالهم وضرب الجزية على باقيهم ، وضرب الجزية على بنى النضير ، ثم إجلائهم إلى الشام ، ولا جزية عليهم بعد الإجلاء ، لأن الشام فتح بعده صلى الله عليه وسلم ، ولو كان قد تصرف فى بعضه بالتمليك { وَيَوْمَ الْقِيَٰمَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ } هو أشد مما لقوا فى الدنيا ، وفى القبر ، فلا يرد أن المنكر لله ، وعبدة الأصنام أشد منهم عذاباً ، إلا من كان منافقاً ، بإضمار نوع من الشرك أو بإسرار إلى بعض ، فإن عذابه فى الدرك الأسفل . والمراد التصيير إلى عذاب أشد ، لا إلى عذاب كانوا فيه ، ولا شك أن عذاب النار أشد من عذاب القبر وعذاب الدنيا ، وزاد أيضاً بالدوام ولا يتصور أن عذاب النار لله دون عذاب اليهود والنصارى والفاسق ، بل أعظم { وَمَا اللهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } فهو لعلمه بما عملوا يجازيهم على كل صغيرة وكبيرة ، وصغائر المشرك كلها كبائر .