Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 14-15)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وإن قلت : كيف يجوز تعليقه باخترتك مع قوله : { إِنَّنِى أنا الله لا إله إلا أنا } فإن تعليقه باخترتك يفهم أن اختياره لكون الله لا إله إلا هو ، مع أنه لم يختره لهذا فقط ؟ قلت : لا حصر للاختيار فى ذلك بل تنصيص على الأهم ، أو لم يسق " إننى أنا الله لا إله إلا أنا " للدخول تحت اخترتك ، والأمر بالاستماع أمر بالتأهب لما قيل له : { فاستمع لما يُوحى } [ طه : 13 ] وقف على حجر ، واستند الى آخر ، ووضع يمينه على شماله ، وألقى ذقنه على صدره ، وأصغى بشرار شره ، وأدب الاستماع سكون الجوارح ، وغض البصر ، والإصغاء للسمع ، وحضور العقل ، والعزم على الامتثال ، وبنى الوحى للمفعول للفاصلة ، فلم يقل لما يوحى بكسر الحاء ، ورتب على وحدانية الله تعالى العبادة بالفاء فى قوله : { فاعْبُدنى } تذللك لى بكل ما أمكن وقدرت عليه . مما أمرت به خصوصاً وعموماً ، ولا يترجح أن المراد هنا التوحيد ، بل العموم ، ويدل للعموم حذف المعمول . أو لمزية الصلاة على ما بعد التوحيد ، خصها بالذكر فى قوله عز وجل : { وأقِم الصَّلاة لذْكرى } تخصيصاً بعد تعميم العبادة ، لاشتمالها على ذكر المعبود ، وشغل القلب واللسان . وقد سماها الله إيماناً فى قوله تعالى : { ما كان الله ليضيع إيمانكم } [ البقرة : 143 ] واللام متعلق بأقم أو باعبد على التنازع ، وإعمال الثانى أو من مجرد الحذف لدليل أى ائت بها مستقيمة لتذكرنى فيها ، بمعنى أنها مشتملة على الأذكار فإذا أقمتها فقد أتيت بهذه الأذكار ، أو لئلا ننسانى ، أو لتذكرنى خاصة لا تشوبها برياء ، أو ذكر غيرى ، أو لتستغرق أو فاتك بالذكر . ويجوز أن تكون الياء فاعلا فى المعنى ، أى لأن أذكرك بالثناء ، أو لذكرى إياها وإياك فى الكتب ، وما قبل هذا من الإضافة للفظ الذى يقال فى الاصطلاح مفعول به ، وكاذ إذا جعلنا اللام للتوقيت . أى لأوقات ذكرى ، وهى أوقات الصلاة { إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا } [ النساء : 103 ] وذلك دليل على أن لا فرض بعد التوحيد كالصلاة . ويجوز أن يكون لذكر صلاتى بعد نسيانها على حذف مضاف ، فتكون اللام للتعليل ، أو للتوقيت ، أى قضها عند تذكرها ، أو يعتبر أن ذكر الصلاة سبب لذكر الله ، فأطلق المسبب على المسب ، أو أوقع ضمير الله موقع ضمير الصلاة لشرفها ، أو المراد الذكر الحاصل منى ، فأضيف الذكر بمعنى التذكر لله عز وجل لأحد هذه الملابسات ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : " من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا استيقظ أو تذكر فذلك وقتها " ويدل لهذا قراءة قتادة : لذكرى بفتح الراء ، وبألف بعد ، أى للتذكر بعد نوم أو نسيان ، وبدل له أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصلها إذا ذكرها فإن الله عز وجل يقول : { وأقم الصلاة لذكرى } " بفتح الراء بعدها ألف ، وعلل وجوب العبادة وإقامة الصلاة بقوله : { إِن السَّاعة } يوم القيامة { آتيةٌ } لا محالة حتى أنها كشىء متوجه إليك تراه مستقبلا { أكادُ أخْفيها } لا أذكرها ، ولكن ذكرتها قطعاً للأعذار ، والمقاربة مجاز ، وعن ابن عباس وجعفر الصادق : { أكاد أخفيها } من نفسى كما هو فى مصحف أبى ، وزاد فى بعض القراءات فكيف أظهرها لكم ، وكذلك فى مصحف ابن مسعود بزيادة ، فكيف يعلمها مخلوق ، وفى لفظ ابن خالويه زيادة ، فكيف أظهركم عليها ، وحقيقة ذلك محالة عن الله عز وجل ، لكن جاز ذلك مبالغة فى الإخفاء كما جاء فى الحديث : " من السبعة الذين يظلمهم الله تحت ظله رجل تصدق بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه " وقول الشاعر : @ أيام تصحبنى هند وأخبرها ماكدت أكتمه عنِّى من الخبر @@ أو أخفى أزيل الخفاء ، ويدل له قراءة فتح الهمزة ، فإنه لا يقال خفاه إلا بمعنى أزال خفاءه ، أو أكاد بمعنى أريد ، أى أريد إخفاء تفصيلها ببيان وقتها ، كقوله : @ كادت وكدت وتلك خير إرادة لو عاد من لهو الصبابة ما مضى @@ وقيل : آكاد زائد أى آتية أخفى تفصيلها ، وقيل أخفيها أظهرها من الأضداد كغبر بمعنى مضى ، وغبر بمعنى بقى واللام فى قوله : { لتجزى كل نَفْسٍ بما تسْعَى } متعلق بآية أى آتية بإذنى للجزاء ، أو بأخفى على معنى أزيل خفاءها ، والمعنى بما تسعاه أو بسعيها خيراً أو شراً ، أو المراد الخير تنبيهاً على أن المراد بها فى الذات إثابة المطيع ، وأما العقاب فعارض بسوء اختيار صاحبه ، والعموم أولى .