Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 40-40)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِذْ تَمْشى } فى الطريق لطلبك ، وتحقيق أمرك ، وتقول لمن أنت فى يده هل أدلكم { أخْتُك } اسمها مريم ، أو كلثوم متعلق بتصنع ، وهو وقت واسع ممتد قدر ما قوع فيه ما ذكر فى الآية مفصول بأزمنة ، أو متعلق بألقيت ، أو بدل من إذ أوحَينا ، وذلك وقت واسع منه وقت وقع فيه كذا ، أو وقع فيه كذا ، فيصح الإبدال ، ولا ضيق فى الوقت ، والمضارع لحكاية الحال الماضية من موسى ، كأنها حضرت حين يخاطب موسى عليه السلام بذلك ، وكذا فى قوله : { فتقول } لفرعون أو آسية ، { هل أدلُّكم على من يكفله } يضمه الى نفسه ويربيه { فرجعْناك الى أمِّكَ } فقالوا : دلينا عليه ، فجاءت بأمك فقالت : هذه تكفله ، فرجعناك إليها ، ولا تربية ، أحسن من تربية الأم . { كَىْ تقرّ عينُها } سلامتك من البحر ، ومن فرعون ، وبلقائك { ولا تَحْزن } بالفراق ، والمراد لا يدوم عليها الحزن إِذْ حَزنت حين ألقته فى البحر ، فمازال الحزن رجع إليها ، وقيل المعنى لا يحدث عليها الحزن أو لا تحزن يا موسى بفقد إشفاقها ، وفيه أن حزن الوليد مثله غير ظاهر إلا على معنى أنه ألفها فى مدة قصيرة ، فلا يطمئن الى غيرها ، بل يبكى ، وما تقدم أولى ، وما فى سورة القصص أنسب به ، والقرآن يفسر بعضه بعضاًن ولم يقبل من امرأة ثدياً بعد أن عرضوه على النساء ، ودلتهم على أمه ، وقالوا لها ما يدريك أنها تنصحه ، وهل لها قرابة به ، وشكوا وقالت : إنها تحب القرب من الملك ، فجاءت إلى بيت امرأة فرعون آسية ، فطلبت أن تمكث عندها فقالت لا أضيع دارى ، فإن لم ترضوا بأخذه الى بيتى تركته ، وقد رأت أنه لم يقبل إلا ثديها فرضوا أن تذهب به . ولما ترعرع قالت امرأة فرعون أرينى ابنى ، فوعد لها يوما تزورها به ، فجعلت على كل خازن من خزان مالها ، ومن تحت يدها ، أن يستقبلوه بالهدايا من حين يخرج من بيت مرضعته وهى أمه ، الى أن يدخل عليها ، وقالت : إنى باعثة من يحصى عليكم هداياكم ، وفعلوا فمضت به الى فرعون ليهدى له فجبذ لحيته . { وقَتَلت } بالوكز وأنت صاحب اثنتى عشرة سنة أو رجل { نفْساً } قبطياً اسمه قانون الذى استغاثه عليه الإسرائيلى موسى بن ظفر السامرى ، فأصابك به هم { فنجَّيناك من الغمِّ وفتنَّاك } ابتليناك { فتوناً } ابتلاء وهو مصدر كالشكور ، بضم الكاف مفرد ، أو جمع فتن بفتح الفاء وإسكان التاء كالظنون جمع ظنّ ، أو جمع فتنة على إلغاء التاء كإلغائها فى بدرة ، إذ جمع على بدور ، ومن عشرة آلاف درهم ، وفى حجزة إذ جمعوه على حجوز ، وهى تكة السراويل ، أو فتناك خلصناك من الغش ، كما يقال فتنت الذهب بالنار إذا خلصته من الغش ، والمراد الفتن تكراره ، على أن الفتون جمع كما هو ظاهر ، وأما على أنه مفرد فالتكرار يعلم من السياق ، والمعنى خلصناك أو ابتليناك مرة بعد أخرى ، ووجه عد الابتلاء فى المنن أنه نجاه ، وقيل إنه يثاب ، والثواب نعمة ، وهو ضعيف فى مقام التفسير . وعن ابن عباس رضى الله عنهما وغيره : الفتون بهجرة الوطن ، وكونه لا يقبل إلا ثدى أمه ، ومفارقة الالآف ، والمشى راجلا ، وفقد الزاد ، وقتله القبطى ، والإلقاء فى اليم ، والتقاطه وامتناعه من الرضاع ، وأخذه لحية فرعون ، وغضب فرعون ، وإرادة قتله ، وأخذه الجمرة ، وترك الجوهرة ، والهرب الى مدين ، وكونه أجيرا لشعيب ، ورجوعه الى مصر ، وإخطاءه الطريق فى الليلة المظلمة والبرد ، وتفرق الغنم ، ومرّ أنه أركب زوجه على أتان حين رجع الى مصر ، بأن كان قد يركب معها أو ينفرد . والجواب : أن المشى بلا ركوب حين هرب ، ولا يحسن عد كونه أجيراً ، وإخطاء الطريق والبرد والظلمة وتفرق الغنم ، ونحو ذلك لأن المراد ما وقع قبل وصول مدين بدليل الفاء فى قوله : { فلبثْتَ سنين } عشراً أو قيل ثمانياً وعشرين ، عشراً فى الرعى لشعيب صداقاً لبنته ، والباقى مع زوجه وولده ، وقد خرج من مصر ، وله من العمر اثنتا عشرة سنة ، فذلك أربعون نبىء على رأسها . { فى أهْل مَدْين } بلدة شعيب على ثمانى مراحل من مصر ، هرب إليها من فرعون ، إذ قتل القبطى وعمره يومئذ اثنا عشر ، ولبث فيها ثمانية وعشرين عاما ، عشرة فى رعى الغنم مهر زوجته ، وثمانية عشر أقام فيها مع شعيب . { ثُمَّ جئْتَ } الى المكان الذى ناديتك فيه ، ولا دلالة لثم على مشتاق الطَّريق من ضلال الطريق ، وتفرق الغنم وغير ذلك ، كما زعم بعض { عَلى قَدر } تقدير من الله وقضائه أو على الوقت المقدر لاستنائك ، قيل أو على مقدار من الزمان يكون فيه الاستنباء غالبا ، وهو رأس أربعين ، وفيه أن هذا يقال فيه قدر بإسكان الدال ، أو على موعد وعدتك ، وعليه مجاهد ، فإن أراد أنه وعد بلا إخبار ، فلا إشكال ، وقد مر معناه ، وإن أراد بإخبار على لسان نبى فغير متبادر { يا موسى } تشريف له ، بنداء ، وتنبيه على انتهاء الحكاية التى هى تفصيل المرة الأخرى .